محجوب الخليفة يكتب : مهنة الشعب السوداني تشحيم السمك
15 يونيو2022م
▪️لا تندهشوا هي هكذا المهنة المزمنة للشعب السوداني فقط من بين كل شعوب اﻷرض، وهي نفسها المهمة المستمرة والمفروضة علينا جميعاً، وأعني مهنة تشحيم السمك، وحتى تتضح الصورة ونفهم المقصود، نقص هذه الحكاية الصغيرة التي حدثت وقائعها على ضفاف نهر النيل عند قريتنا الصداقة بولاية الجزيرة منذ سنوات خلت.
▪️تقول القصة إنّ أحد معلمي القرية اختار أن يمارس هواية جديدة في فترة اﻹجازة المدرسية، بعد أن لاحظ أن بعضاً من سكان القرية يمتهنون صيد السمك يومياً ويكسبون من تلك المهنة، جهّز المعلم نفسه وصناراته وبذل جهداً مقدراً في تجهيز الطعم وتثبيته على صناراته والدفع به الى النهر، وكانت النتيجة المتكررة فشله في صيد أي سمكة ولو مرة واحدة، بينما ظل كل من حوله من الصيادين يفوزون بصيد وفير رغم انهم لا يبذلون جهداً كبيراً ولا يزودون صناراتهم وشباكهم بطعم مثل صاحبنا، واستمر الحال هكذا، يعود صاحبنا بلا صيد، بينما يرجع اﻵخرون بصيد وفير، مما جعل صاحبنا يضمر قراراً حاسماً وهو يتّجه مع أصحابه صائدي السمك نحو النيل، ثم يتابع فوز اﻵخرين بصيد اﻷسماك ليشرع بعدهم في سحب خيط صناراته ليتكرر ذات النتيجة الفشل في صيد ولو سمكة واحدة، عندها يجمع كل اشيائه ويعلن للجميع أنه لن يواصل معهم مهنة صيد السمك، فحاولوا جميعاً إقناعه ليواصل، ولكن رده جاء حاسماً ومضحكاً في ذات الوقت (والله ما ممكن أواصل أنا في تشحيم السمك عشان تصيدوه انتو)!
▪️الشعب السوداني ومنذ عقود تشبه حاله حال ذاك المعلم، الذي ظل يشحم السمك ويطعمه ليصطاده غيره، وهم بلا أدنى شك معروفون للشعب، كما أنهم يعرفون أنفسهم، إنهم تجار السياسة والحروب والمضاربين بقوت الغلابة، والمتحكمين في الخدمات الضرورية للناس!
والسؤال الذي نُوجِّهه إليك مباشرة: هل أنت ممن يشحمون السمك أم ممن يصطادونه باستمرار؟ وهل لديك الجرأة للإقلاع عن عادة تشحيم السمك
ومحاولة ابتكار وسائل جديدة مفيدة لك ولوطنك؟
نحن اﻵن في أشدّ الحاجة للخروج من دائرة تشحيم السمك هذه، فهل نستفيد من تكرار الفشل مثلما استفاد معلمنا المذكور في القصة عليه رحمة الله، لنعلن كشعب سوداني كريم امتناعنا واستقالتنا من المهنة المزمنة والمرهقة وهي مهنة تشحيم السمك.