محمد عثمان الرضي يكتب : الشرق ينتفض
15 يونيو 2022م
شرق السودان من أهم المواقع الجغرافية والاستراتيجية والحيوية، ويعتبر قلب السودان النابض.
شرق السودان المخزون الغذائي والثقافي والإبداعي والفني وتشكل من خلاله وجدان الشعب السوداني في شتى ضروب الفن والإبداع.
شرق السودان بوابة السودان على العالم وثغره الباسم عن إطلالته على ساحل البحر الأحمر الذي أصبح مكان تنافس عالمي من شتى الدول التي تطمح أن يكون لها به موطئ قدم.
شرق السودان مهد الحضارات القديمة عبر حضارة البجا التي امتد تاريخها إلى عدة قرون.
شرق السودان الذي تبلغ مساحته حوالي 5000 كيلومتر مربع ويسكنه حوالي 5 ملايين نسمة تقريباً ويحتضن 5 انهار موسمية والتي تروي 4 مشاريع زراعية رئيسية ويُحادد 3 دول.
شرق السودان ينتج حوالي 60% من الدخل القومي من مختلف إيراداته الزراعية والتعدينية وضرائب الموانئ البحرية والجمارك.
وبالرغم من كل ذلك أعلى معدلات للإصابة بمرض السل الرئوي ووفيات النساء الحوامل والأطفال دون سن الخامسة، كل ذلك يحدث في شرق السودان.
لم يفتح الله على قيادات الشرق السياسية التي تتهافت وتتقاتل على المناصب الوزارية أن تتبنى مشروعاً واحداً ينتشل إنسان الشرق من وهدته وتخلفه ويعبر به إلى بر الأمان.
هذه القيادات السياسيّة التي نصبت نفسها عنوة وجثمت على صدر إنسان الشرق منذ زمن بعيد أصبحت اليوم (كروتاً محروقة) وفقدت صلاحيتها وبريقها، وإن لم تقتنع بذلك ولكن سيأتي الوقت المناسب لإزاحتها بالتي هي أحسن وإذا تطلب الأمر بالتي هي أخشن.
إنسان شرق السودان اليوم لم يكن ذات الشخص الذي كان في السابق يسهل انقياده بدغدغة العواطف والمشاعر الجياشة التي أوردته موارد الهلاك.
إنسان الشرق تغير تغييرا كبيرا جدا، وتوسعت مداركه، وتعددت مفاهيمه، ولكنه في هذه اللحظات فضّل الصمت ومنح فرصة اخيرة لمن يتحدثون باسمه وترك لهم الحبل على الغارب حتى ينفد ما عندهم ولكل حدث حديث.
الأغلبية الصامتة من أبناء الشرق الأوفياء يعملون بصمت ومن دون ضوضاء وضجيج ولديهم قناعة راسخة بأن اللاعبين الجدد سيكونون أشخاصاً مختلفين من حيث الشكل والمضمون.
حملات الاستقطاب الخارجي في الشرق تنشط وبصورة مكثفة وتستهدف هذه الشريحة الصامتة التي أعنيها تماماً.
الإدارة الأهلية بشرق كانت ومازالت تُحظى باحترام وتقدير أهل الشرق، ولكنها حادت عن الطريق بمجرد ارتدائها للثوب السياسي وأصبحت بصورة مباشرة أو غير مباشرة من الأدوات الفاعلة في تصفية الحسابات ما بين الفرقاء السياسيين.
من يدعون أنهم يمثلون شرق السودان ويتحدثون بلسانه اليوم، هم أبعد ما يكونون عن إنسان شرق السودان وهذا ما سيتم تأكيده في مقبل الأيام عند ظهور الأجسام الحقيقية التي تنبع من داخل المجتمع، والأيام ستثبت صحة ما أقول.
العقلية التي تُدير مقاليد الحكم والسلطة تعلم علم اليقين مَن سيكون الخليفة في قيادتها ولكنهم يستخدمون أساليب كسب الوقت وتعبيد الطريق للاعبين الجُدد.