عبد الله مسار يكتب : لقاء بيت السفير السعودي
15 يونيو 2022م
انعقد في الأسبوع الأول من يونيو، أولى جلسات مُؤتمر الحوار الذي تنظمه الآلية الثلاثية بفندق روتانا، بعد حوارات جانبية شملت ثمانمائة جزء من الشعب السوداني بأفكار ومواقع ومسميات وألوان مختلفة. وحضرت اللقاء مجموعات من العاملين في الحقل العام من قوى سياسية وبعض منظمات المجتمع المدني، وبحضور ممثلين من المكون العسكري بقيادة الفريق أول محمد حمدان نائب رئيس مجلس السيادة، وغابت عن هذه الجلسة الحرية والتغيير المجلس المركزي والحزب الشيوعي وبعض لجان المقاومة عن قصدٍ، وغاب آخرون مُؤيِّدون للحوار ولكن لم تُوجّه لهم الدعوة وهم فاعلون في المشهد السياسي، منهم الطرق الصوفية والإدارة الأهلية وأحزاب وتجمُّعات أخرى، وغاب آخرون وهم موافقون على الحوار، ولكن خشيوا أن يقال لهم متخاذلين على الطريقة الطلابية في الإضرابات، وغيب فولكر حزب الأمة القومي بعد أن وصل ممثله الى استقبال فندق روتانا (للضرورة أحكام).
وناقش الاجتماع، الترتيبات الفنية لإدارة وقيام الحوار، وسمى الأحد في الأسبوع الذي بعده للجلسة الثانية التي تجيز المقترحات المتعلقة بالجانب الفني لإدارة الحوار، وبعد أن انفض الاجتماع الأول، ضربت الحرية والتغيير المركزي جلبة هزة كبيرة وسمع صوتها القاصي والداني، علا صوتها في كل الأسافير، وتحدثت كل مُحتوياتها بألسنة مختلفة (شداد غلاظ ولينة في أخرى). ضرباً (للغراف عشان الجمل يخاف)، وخاصة وأن مسامير اللاءات الثلاثة (لا تفاوض ولا شراكة ولا شرعية) مثبتة في جدران حيطة الحرية والتغيير المركزي، ولكنهم اكتشفوا أن الحيطة مائلة والجدار قد تصدّع وفي طريقه للانهيار لأن وسطهم الراغبون المتمنعون (معلومون بالصوت والصورة). ثم هنالك الألفة (المجتمع الدولي)، الذي هو جزء من رعاة الحوار.
وهنا وجدت الحرية والتغيير المركزي أنها في حرجٍ كبيرٍ وفي مأزقٍ شديدٍ، وإن تقديراتها بالمُعادلة الصفرية (انبشقت) أو في طريقها الى الانبشاق، إذن لا بد من مخرج..!
وكان المخرج الدعوة المزدوجة للحرية والتغيير من السفير السعودي ومساعدة وزير الخارجية الأمريكية للقاء جانبي بين الحرية والتغيير المركزي وممثلين للمكون العسكري (المرفوض أصلاً الجلوس معه)، لأن الشعار إسقاط الانقلابيين أي لا شرعية ولا تفاوض ولا حوار ولا شراكة، ولكن إسقاط الانقلابيين، وهنا المكون العسكري وجد ضالته لأنه بذلك قد هدم أهم ركن من معبد الحرية والتغيير، ووجد اعترافاً بالجلوس على رأس الأشهاد (رسمي أو غير رسمي) هذه مسميات لرفع الحرج، المهم الجلوس وهنا نقدر الموقف المبدئي (للحزب الشيوعي وبعض لجان المُقاومة) التي ظلّت عند محطتها الأولى بغض النظر عن صحة الموقف أو عدمه.
وهنا أيضاً كانت دعوة لقاء بيت السفير السعودي برداً وسلاماً على الحرية والتغيير على طريقة (عليك الله بالشريف ما دفرني)، أما العساكر فليس لديهم ما يخسرونه.. جلوس جلوس.. رفض رفض.. المؤتمر بما حضر!
وانعقد اللقاء في منزل السفير السعودي الرجل الفاضل علي بن جعفر وبحضور مندوبة أمريكا التي أيّدت سفارتها بالخرطوم جلسة مؤتمر الحوار في روتانا، وكذلك أيّد الحوار الأمم المتحدة والترويكا وأفريقيا وإيقاد رغم أن فولكر (يلعب على الحبلين بدرجات متفاوتة).
(نكتب عن ذلك عندما نتحدّث عن خبايا الحوار وأسرار الحوار)..
المهم تم لقاء بيت السفير السعودي ونحن وآخرون نعلم التفاصيل.
والمعروف أن في السودان ليس هنالك سر، فأهل السودان وساسته يعرفون ما يدور في (غرف النوم)، ناهيك عن لقاء مهم كلقاء بيت السفير السعودي هذا.
وهنا أشير إلى أن هنالك نقطتين مهمتين، أولاهما كل الذي قيل عن اللقاء في المؤتمر الصحفي للحرية والتغيير المركزي ليس له علاقة بما دار وما نوقش في اللقاء، وليس هنالك تسليمٌ ولا تسلمٌ من الانقلابيين كما يعرفون تصحيح 25 أكتوبر، ولا رجوع الجيش إلى الثكنات، ولكن هنالك أمورٌ أخرى نعرض لها في حينها.
النقطة الثانية، إن الحرية والتغيير المركزي مجموعات وليست على قلب رجل واحد غيّب بعضها واشترك في اللقاء بعضها ورفض كل العملية بعضها وغاب بعضها محرجاً حتى لا يقال شق الصف ونكتب عن ذلك في مقبل الأيام.
إذن لقاء بيت السفير ليس كله ضرر وحتى إيقاف الحوار ليس كله ضرر على مبدأ (الكذّاب وصِّله حتى الباب).
مُلاحظة مهمة جداً، يجب ان يعيها المكون العسكري والوسطاء وحتى الحرية والتغيير المركزي أن الفترة الانتقالية لن تعود الى ما قبل 25 اكتوبر، وإن القوى السياسية والمجتمعية حركات الكفاح الموقعة على السلام والإدارة الأهلية والطرق الصوفية والصامتون من السودانيين لن يقبلوا أبداً بالحكم المطلق والشراكة المختلة للحرية والتغيير، والمكون العسكري وفق وثيقة ولد لبات المشوهة والمضروبة وفاقدة الشرعية البالية.
إذن يجب أن تكون هنالك فترة انتقالية متراضٍ عليها مدتها من الآن قصيرة جداً أو نذهب الى الانتخابات مباشرةً.