13 يونيو2022م
“بين أول رصاصة وآخر رصاصة تغيرت الصدور وتغيرت الأهداف وتغير الوطن”.. أحلام مستغانمي..!
إحدى صديقاتي وصفت الإعلامية الأمريكية الشهيرة “أوبرا وينفري” بالشخصية الثورية العظيمة، لأنها حاربت العنصرية واستثمرت نجاحها المهني الباهر في شجب صورها وانتصرت عليها بعد أن كانت إحدى ضحاياها. فقلت لها إن “أوبرا” شخصية عظيمة بلا شك لولا أنها في معرض ثورتها على العنصرية قد اكتسبت عنصريةً مضادة، باعتبار أن لكل فعل رد فعل يساويه في الشدة ويعاكسه في الاتجاه. لكن استدلالي بأحد قوانين الحركة التي وضعها “نيوتن” لم يشفع لوجهة نظري عند صديقتي تلك..!
وهو قد لا يشفع لي أيضاً عند من أوسعوا الحرية والتغيير نقداً وتخويناً لأنها قبلت بالجلوس للتفاوض، وقد لا يشفع أي منطقٍ يُذكَر في مواجهة أوَّل وأوْلَى علل ومزالق الممارسة السياسية في هذا السودان، التي إن جاز لعبارة أن تتضمنها لكانت “فوضوية الطرح، عشوائية التلقِّي، وردود الفعل ذات الزوايا الحادة”. معظم الناس في بلادنا حكاماً كانوا أم معارضين، أباطرةً كانوا أم ثائرين، يشقُّ عليهم قبول أو حتى احترام حق الآخر في الاختلاف عنهم، باتخاذ الموقف الذي يقنعه وإن كان لا يرضيهم..!
ثورة الإنسان على كل ما لا يحفظ كرامته حق إنساني يستحق الاحترام والمطالب العادلة للشعوب الحرة أنهارٌ تستحق أن تجري كيفما شاءت وأنَّى شاءت، وكل ثورةٍ بلغت نصابها استحقت أن تقود حاضرها وأن تكتب تاريخها. ولم يحدث قط عبر التاريخ أن نجحت مشاريع ثورية شارك فيها الشعب بالإجماع، فانتصارات الثورات وما يعقبها من مشاريع إصلاحية تأتي دوماً كنتيجة راجحة لفوز رأي الأغلبية..!
وصول الإخوان المسلمين إلى حكم مصر بعد اندلاع الثورة وعبر صناديق الاقتراع، ثم انقلاب معظم فئات الشعب عليهم بعد ذلك – مُستقلين كانوا أم مُغيَّبين – يؤكد أن لكل ثورةٍ أخطاءً، وإعدام العلماء في فرنسا على أيدي بعض قادة الثورة، ومعاقبة مدن بأكملها – لأنها تململت من ديكتاتورية بعض الثوار – يُدلِّل على أن لكل ثورة ضحايا..!
استبداد الحكام لا يعني أن يتحوّل الذين ينخرطون في الثورة عليهم إلى أباطرة يصدرون أحكام الإدانة ويمنحون صكوك الغفران، إذ لا فرق بين سلوكهم – والحال كذلك – وسلوك من ثاروا عليهم. فأي ثورة حقيقية وعادلة هي امتحان ديمقراطي لجدارة الثوار أولاً، ومن ثمَّ مدى استحقاقهم لقيادة أي تحول ديمقراطي..!
من حقك أن تثور على طريقتك، ومن حقي أيضاً أن أثور على طريقتي، من حقك أن تحب هذا الوطن على طريقتك ومن حقي أيضاً أن أحبه على طريقتي، فاتخذ الموقف الذي أشاء من هذه الحكومة أو من أي كيانٍ آخر أراه مؤهلاً أو لا أراه مؤهلاً لتمثيل أفكاري ومواقفي الديمقراطية. من حقك أنت، ولكن من حقي أيضاً، علينا أن لا ننسى هذا..!
munaabuzaid2@gmail.com