بستان إسحاق الحلنقي
مدينة العين
سمو الشيخ «سعيد بن طحنون آل نهيان» وأنا أزوره للتحية والسلام في قصره بمدينة العين، وذلك أثناء إجازة قصيرة أمضيتها بين الأهل والأحباب في دولة الإمارات العربية المتحدة، سألني: أخشى أن تكون أرض الخرطوم الطيبة قد آنستك السنوات الحبيبة التي أمضيتها بيننا في مدينة العين، قلت له: كيف أنسى عين العيون المدينة التي شرفها أن تكون مسقط رأس الزعيم العربي الراحل الشيخ زايد بن سلطان، عليه الرحمة، والذي أحال كل حبة رمل فيها إلى جنة غناء؟ كيف أنسى مدينة تضم بين أحضانها الآلاف من أشجار النخيل تلتف حول جيدها كما يلتف عقد من الزمرد الأخضر حول عنق حسناء؟ كيف أنساها وهي السيدة الأولى على كل المدن العربية بخضرتها وألقها ونقاء هوائها؟ السماء في مدينة العين غير السماء، والأرض فيها غير الأرض، أما أهلوها فإن قلوبهم البيضاء كصفحة من الصباح يمثِّلون بالنسبة لي أهلاً أنام بين أهدابهم آمناً مطمئناً لا أعبأ بما تأتي به الأيام من جراح.
محمود محمد مدني
كان الأديب الراحل المقيم «محمود محمد مدني» من أصدق الناس الذين عرفتهم، كان يترك مجلسنا غاضباً حين نبدأ في الحديث عن بعض «الشمارات» الخفيفة الخاصة بعدد من شعراء تلك الأيام، كان يضايقه كثيراً أن يرى إنساناً يصنع من سمعة الآخر مسرحاً للأكاذيب، كان يميل للصدق بكل جماله، ويرفض تماماً كل من يتعرَّض إلى شجرته النيِّرة يرميها بحجر، قال لي مرةً: أرى أن حبك للشمارات كاد أن يكون إدماناً؟ قلت له: أنا لست وحدي فإن هنالك فلاناً وفلاناً وفلاناً، ثم أضفت وأيضاً فلانة جميعهم «يشمشرون»، فأخذ يضحك حتى أدمعت عيناه، وأنا أسأل الله له الرحمة وأسأله أن يجعل له من صدقه نجاة من جحيم لا يرحم.
إبراهيم حسين
الراحل إبراهيم حسين الفنان الجميل، التقيت به لأول مرة حينما كان يعمل (ترزياً) في مدينة كسلا، وكنت استمع له في بعض الحفلات العامة، وكنت أشعر لحظتها بأن إبراهيم حسين مشروع لفنان كبير، وأنا أصلاً كنت معجب به. وقرَّرت التعاون معه في أغنيات جديدة، وتشأ الظروف أن تتزوج شقيقتي الكبري (آسيا) وقدَّم ليلتها إبراهيم حفلة بديعة أطربت الجميع، وزاد ذلك الحفل من إحساسي بضرورة كتابة أغنيات له، وكانت أغنية (ساعة الغروب) وأحدثت الأغنية ضجة كبرى في كسلا وذاع صيتها.
مني الخير
قبل أعوام عديدة سأل أحد المذيعين الفنانة منى الخير، لو طلب منك أن تختاري عريساً فمن يكون؟ فقالت بحياء شديد عبد العزيز محمد داوود، قال لها ولكنه أكبر منك سناً، بالإضافة إلى أنه متزوِّج وله عدد من الأطفال ردت عليه بإصرار (أنا غير عبد العزيز ما عايزه) قال لها هناك مجموعة من الفنانين الشباب ينتظرون إشارة منك على رأسهم صلاح مصطفى، صلاح بن البادية، زيدان إبراهيم، وأشار إلى أن هناك فناناً رفض أن يذكر اسمه سيمنحك مهراً مائة من النوق الحمر وأمواجاً من الذهب فابتسمت تقول إن الأموال لو تمدَّدت بحراً فوق بحر فإنها لن تكون قادرة على شراء خفقة واحدة من قلب، ضحك عبدالعزيز حين علم بقصتها، وقال كان أمام هذه الفنانة عدداً من الفنانين من أصحاب الشعر المموَّج فلما فضلت عليهم صلعتي الملساء.