عبد الله مسار يكتب: تسقط بس
10يونيو 2022م
هذا الشعار رفعته قوى التغيير قبل سقوط نظام البشير في أبريل 2019م تبنته قوى الحرية والتغيير ولجان المقاومة والحزب الشيوعي عملت له وسقط النظام، وبعد السقوط ظلّت هذه القوى الحاكمة معارضة لنظامها الذي أقامته، وعارضت د. حمدوك الذي جاءت به من وراء البحار ولم يضعوا طوبة بناء واحدة طيلة السنوات الثلاث الماضية، بل هلكت وأضاعت الموجود.
طلاب الجامعات لثلاث سنوات مازالوا في الصف الأول أي جمّدوا الجامعات وجمّدوا التعليم.
دولار البشير الذي كان بستين جنيهاً صار على مشارف الستمائة جنيه.
دمّروا كل شيء. الانترلوك وكهرباء الشوارع الى الكهرباء والمياه العامة، حتى الخرطوم عاصمة السودان صارت تستعمل (المصرجة) في الإضاءة في أحسن الأحوال إن لم تعش في ظلام دامس.
بل انفرط الأمن حتى صار النهب والاختطاف في قلب الخرطوم، وصارت هنالك قوى خارجة عن القانون اسمها “تسعة طويلة”.
أما الصحة فحدِّث ولا حرج. وصار السودان دولة طاردة. أغلب سكان السودان الآن هربوا الى دول الجوار من جحيم قوى تسقط بس.
حتى العلاقات الاجتماعية صارت مُعقّدة وصعبة، وانفرط سلوك المجتمع، وخاف الكل من المستقبل
وقوى الثورة وخاصة قوى اليسار مازالت في محطة تسقط بس، بل أضافت شعاراً آخر لا حوار ولا تفاوض ولا شراكة، يعني دخلنا في معادلة صفرية وطريق مسدود في علاقة الحرية والتغيير المركزي والمكون العسكري ومع القوى السياسية والاجتماعية والأهلية، بل الآن مع الآلية الثلاثية، وصار الوطن أسير شعار تسقط بس، وبعد كل هذا التعنت ترفض قوى تسقط بس، الانتخابات وتتحدّث عن المدنية والدولة الديمقراطية، وترفض استعمال ادواتها. حيث ان الديمقراطية والمدنية اهم وسائل الوصول اليها هي أخذ رأي الشعب ومكان ذلك هو صندوق الانتخابات.
إذن كيف تحكم اذا كنت ترفض صندوق الانتخابات، وترفض الحوار، وتصر أن تحكم بلداً مثل السودان بأقلية وبالزندية، وترفض حتى الشريك الأساسي والذي لولاه ما نجحت تسقط بس في إسقاط النظام، وهو المكون العسكري.
الآن لم نقف عند محطة تسقط بس للنظام، ولكن وصلنا مرحلة سقوط السودان كوطن وأرض دولة، بل سقط في السودان كل القيم والأخلاق والاقتصاد والخدمات والعلاقات الاجتماعية، بل سقط أمن الخوف والجوع وراح الهدوء والاطمئنان في بلد أهلها أطيب خلق الله في الكون.
إذن كيف تدار دولة في حجم السودان من فئة قليلة وشعارها تسقط بس.
أعتقد أن القوى السياسية التي تدعي الثورة والتغيير عليها أن تعيد النظر في شعارها هذا، لأنه لم يوصلها للحكم ولن يوصلها إليه لأنه أوصلها لذلك، ولكن أخرج منها الحكم، لأنها وقفت في محطة أضاعت المواطن والوطن يعني المعادلة الصفرية.
أعتقد أن فرصة الحوار الذي يجرى الآن هو الفرصة الأخيرة للوصول الى وفاق وطني يُخرجنا من شعار تسقط بس الى شعار البناء وقيام الدولة والمحافظة على الوطن، ولذلك ممانعة بعض القوى السياسية في المشاركة يضر بها قبل الضرر بالوطن.
ونجاح الحوار نجاح لهذا الوطن المأزوم، وحال لم نصل الى ذلك يجب أن نذهب الى الانتخابات مباشرةً في فترة انتقالية قليلة لا تتجاوز العام الواحد، لأن شعار تسقط بس أسقط النظام ولم يبن وطناً. وإذا استمر شعار تسقط بس لتحكم الحرية والتغيير المركزي، لسقط السودان الوطن والدولة والأرض.