9يونيو 2022م
(١)
السياسة العالمية مطبخها دائما خلف الكواليس، وتاخذ وقتها لتنضج علي نار هادئة جدا تحكمها روح المؤامرة وفي الغالب الانانية وتضخم الذات. كتبت في مكتوب سابق ان فيروس كرونا هو بمثابة اعلان غير رسمي للحرب الكونية الثالثة، واوردت بان الحرب هذه المرة لن تكون حربا تقليدية بجيوش جرارة ودماء واشلاء وجرحي لكنها حرب من نوع جديد تستخدم فيها كل انواع التكنلوجيا والعلوم الجرثومية والتطبيقية وعلم النفس وعلوم تعديل السلوك واتمام السيطرة علي الانسان لتتم السيطرة كوكب الارض واحكام الاسباب في توزيع الاراضي والمعادن والثروات والشعوب وادارتها بطريقة جديدة.
في العام القادم ٢٤/٧/٢٠٢٣ ينتهي اجل اتفاقية لوزان الموقعة في مدينة لوزان السويسرية بين تركيا من جهة وبريطانيا وفرنسا من جهة اخري قبل مائة عام بالتمام ، وتم علي ضوء هذه الاتفاقية تنازل تركيا مناطق نفوذ الامبراطورية العثمانية في العالم ، وتؤكد بنود الاتفاقية ١٤٣ بنداً علي تجفيف منابع الخير والمال وقطع الطريق امام الخلافة العثمانية والاسلامية من النهوض مجددا او مستقبلا ومحو اخر اثر للمسلمين علي وجه الارض، وانا علي يقين بان الذين فعلوا ذلك تدثروا بالمسيحية وهي منهم براء ولكنهم كانوا عبدة للمال والسلطة والذات والشيطان، ويبتغون السيطرة علي السلطة والمال و الانسان واستعباده.
(٢)
بعد ان قاموا بتفتيت الخلافة العثمانية ارادوا قتل طموح المسلمين و حرمانهم من مجرد التفكير في بعث قيم الحق و الدين ومُثله للحياة من جديد، وظلوا عاكفين في عالمهم الشغوف بالماده و الموهوم بتضخم الذات و الذي استخدموا له كل الامكانيات المتاحة واستغلوا كل تعارض و تباين او اخطاء ارتكبها المسلمين ليشوهوا الدين الاسلامي وهم يعلمون انه الدين الحق وان المواجهة قادمة وان طال الطريق ، لانهم يعلمون بان الاسلام دين الحق والقيم الفاضلة والاخلاق و الرحمة وليس دين اثنية او حكومة او مُلك عضدود بل هو دين يدعو للسلم والقيم ولا يدعو للقتل والدماء والسخرة واضطهاد الاخر كما يحبون ان يروه و يشوهوا صورته للمجتمع العالمي في ظل الانغلاق وضعف التواصل، ولكن ارادة الله الغلابة ارادت للعالم ان يصبح متواصلا متداخلا بالتكنولوجيا كالكتاب المفتوح واصبحت فيه المعلومة متاحة للدرس والبحث والتنقيب، فاصبح الناس جميعا المسلمين وغير المسلمين يدرسون الاسلام والقران والسيرة وعلوم العقل وعلوم النقل واصبحوا يتفقهون عن الاسلام وعن فضائله وقيمه الروحية وآدابه وتعليمه، ويتداخلون مع المسلمين في حوارات حول الروح والرب، وقيم الاسرة واداب الاسلام ومكارم الاخلاق حتي اصبح الاسلام الدين الاكثر نموا واعتناقا في اوربا والامريكتين، واصبح المسلمين الذين هاجروا الي هذه البلاد ، كثيرا منهم استفزتهم الحضارة المادية بزخمها و وتناقضها الذي جمع الحق والباطل في اناء واحد فعادت انفسهم الي الجادة واحسست طرق الاستقامة فاصبحوا يجسدون الحديث القدسي قولا وفعلا وواقعا “ان المؤمن كالغيث اينما وقع نفع” اما صراع الحق والباطل فهو سنة ماضية لن يستطيع راس المال ولا الالحاد ايقافها الي ان يفيق المسلمين من غفلتهم وصراعهم المصنوع كيدا ويعلموا بان الاستخلاف في الارض وعد رباني لا محالة قادم “وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ”.
(٣)
اتفاقية لوزان وان كانت تبدوا وكانها ضد تركيا لكنها كانت ضد كل ما يحمل ويبشر بالقيم الربانية والخير وضد كل ما هو اسلامي وابزر ما قامت به هذا الاتفاقية كما اورد الباحث المغربي السيد السهلي بوغيدة الاتي:
1. إعلان علمانية الدولة بعد أن كانت خلافة إسلامية عثمانية مباركة.
2. مصادرة جميع أموال الإمبراطورية العثمانية ونفي السلطان وعائلته خارج تركيا.
3. تنازل تركيا عن حقوقها في كل من السودان ومصر وتخليها عن سيادتها على قبرص وليبيا ومصر والسودان والعراق وبلاد الشام بعدما كانت هذه الدول تحت سيادة الإمبراطورية العثمانية.
4. – ترسيم حدود اليونان وبلغاريا مع الدولة التركية.
اما بقية بنود الاتفاقية فكانت كلها في تجفيف منابع المال والتغريم المالي وتنازل دولة الخلافة حينها عن كل حقوق تحقق لها ايًا من انواع النهوض الاقتصادي.
(٤)
العبرة من دراسة التاريخ انها تبين بجلاء ووضوح ان الايام دولة بين الناس والشعوب، وان الشعوب التي تم الغاء عقلها الجمعي يمكن ان تنهض من جديد وان العبث بمقدرات الشعوب لن يوقف سنن الله الماضية ” وتلك الايام نداوله بين الناس” فالرسالة الي اهل السودان والمسلمين
1. ان الوحدة وبرنامج الحد الادني بين كل اهل السودان واهل القبلة ضرورة للمحافظة علي البلاد وشرط من شروط النهضة.
2. ان العالم المادي لا يعترف بالاسماء والاديان ولكن في عالم اليوم يعترف بالانتاج والعمل وتاثير ما تنتج علي حياة البشرية في هذا الكوكب.
3. ان تعلموا ان هذا العالم رغم ماديته وقسوته تاسره القيم الفاضلة والنبل الانساني وتلفت انتباهه مكارم الاخلاق وهذا اساس هذا الدين كما قال الحبيب عليه افضل الصلاة والسلام “انما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق.”
ولنا عودة..
فلنعمل معا من اجل انتاج غير محدود.
فلنعمل معا من اجل ان تسود “مكارم الاخلاق”.