الخرطوم: جمعة عبد الله 8 يونيو2022م
أدى تلكؤ الحكومة ممثلة في البنك الزراعي السوداني في استلام انتاج القمح من المزارعين بسعر التركيز المُعلن مُسبقاً 43 ألف جنيه كما أعلنت عنه قبل عمليات حصاد العروة الشتوية لهذا العام، لدخول المنتجين في خسائر طائلة، كما أعلن البعض إحجامهم عن زراعة القمح في الموسم المقبل، بيد أن الحكومة وعبر البنك الزراعي جاءت مؤخراً لتطالب المزارعين بتوريد المحصول إلى مدينة جياد جنوب الخرطوم بواسطة المزارعين أنفسهم بشروط وُصفت بالقاسية إلى المكان الذي أخطرت عنه، وقبل أن يحدث ذلك، أطلق رئيس الجمعية السودانية لحماية المستهلك مُبادرة لشراء جوال القمح من المنتجين بسعر يصل إلى 45 ألف جنيه بدلاً من 43 ألف جنيه من السعر التركيزي الذي حددته الحكومة، واختارت المبادرة شعار “وقفة واجب مع مزارعي وطني”، وسرعان ما وجدت قبولاً وتفاعلاً واسعاً عبر منصة التواصل الاجتماعي، وبحسب متابعات “الصيحة” فمن المقرر أن يعقد أصحاب المبادرة، اجتماعاً مُوسّعاً لدراسة الخطة والشروع في التنفيذ، دعماً للمزارع والقمح العضوي الطبيعي السوداني بعيداً عن شراء القمح المستورد.
مطلوبات تعجيزية
يروي المزارع بمشروع الجزيرة، محمد عبد الله، انه تعرّض ورفاقه المنتجون لخسائر فادحة بسبب سياسات وزارة المالية، وتابع قائلاً: وجدت أن الأمر متعلق بالقمح، لأجد منشورا يتعلق بمبادرة شراء القمح، واصفاً أنه نزل على قلبه بردًا وسلامًا، وقال إنه عزم على ألا يزرع قمحا مرة ثانية، وأضاف في تعليق حول (المبادرة) لكن عشان هؤلاء الرجال سوف أزرع إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً، وواصل قائلاً ما لا تعرفونه عن القرارات الأخيرة أن وزير المالية وافق على أن يستلم قمح التكلفة فقط بـ43 ألف جنيه، في حين أنّ نائب رئيس مجلس السيادة، وعد المُزارعين بشراء القمح بـ53 ألف جنبه، وتابع: إن البنك الزراعي قبل أيام حدّد أن يقوم المزارع بتسليم القمح في جياد، بجانب أن يكون نوع الخيش والوزن المطلوب وتكلفة الترحيل على المزارع، واصفاً بأنها مطلوبات تعجيزية، وبذلك يتعجّب من مسألة أن مزارعاً في مشروع الجزيرة وفي غرب المشروع تصل تكلفة الجوال إلى أن يصل جياد أكثر من 10 آلاف جنيه.
جدوى المبادرة
يقول مُهتمٌ بالمجال الزراعي، محمد النويري، إنّ المبادرة في قمة الروعة وتعكس روح التعاون وطبيعتنا السودانية السّمحة في تجسيد الإخوة والتعاون والمُساندة، وقال إنّ قمح الجزيرة معروفٌ أنه عالي الجودة ويُسقى بمياه طبيعية خالية من أي تلوث.
ويرى مهندس زراعي، عمر كرين، أنّ الأمن الذي يحفظه المزارع للدولة ليس أقل أهميةً من الأمن الذي يقوم به العسكر، ويضيف بل تحتاج له الدولة في السلم وفي الحرب، وأبان أنّ الصرف على الأمن العسكري لا تسبقه دراسة جدوى اقتصادية، وقال ينبغي على الدولة واجب الصرف على الأمن الغذائي بتوفير الغذاء الأساسي للمواطن بسعر معقول وخفض تكاليف الإنتاج للمزارع بدون دراسة جدوى اقتصادية، وأكد أن فوائد الجدوى ستكون اجتماعية مما تنعكس بمنافع اقتصادية للمزارع والمواطن والدولة.
دعم الإنتاج
يصف المزارع متوكل الطيب، بمشروع الجزيرة، مبادرة شراء القمح، بالجميلة وتستحق الدعم والمساندة، وَشَدّدَ على ضرورة دعم المُنتجين وصغار المُزارعين بالذات في هذا الموسم، فقد تكبّدوا خسائر فادحة نسبةً لتكاليف الإنتاج التي كانت عالية جداً، وأرجع ذلك لقرارات مجلس السيادة بجانب إغلاق الشرق، وفي ذلك الوقت كان المزارع يبحث عن جوال السماد الذي أصبح معدوماً تماماً حتى وصل سعر الجوال الواحد لـ50 ألف جنيه.
الخبير الزراعي، أنس سر الختم، وصف مُبادرة شراء جوال القمح بـ45 ألف جنيه بكلام ونسه، وقال إن الأمر يحتاج إلى تنظيم وإصدار قرار للبنوك والممولين بأن لا يُلاحقوا المزارع في سداد تمويل تكلفة الإنتاج، وشدد على ضرورة أن يلتزم كل من البنوك والممولين بشراء القمح عينياً بالسعر المُعلن، وبالتالي يكون ذلك مُجزياً للمزارع ومُوازياً لتكلفة الإنتاج، وطالب أنس أن تلتزم مطاحن الغلال الكبرى ويتا وسين بشراء القمح من المُنتجين مُباشرةً للحد من استيراد القمح من الخارج، وأوضح أن الضامن لاستلام المطاحن للقمح وزارتا المالية والزراعة وخلاف ذلك قد يضطر المزارع للبيع في السوق، ونوّه إلى أنّ العالم مُقبلٌ على مجاعة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، ولفت إلى ان المساحة المزروعة في الموسم 2022 من العروة الشتوية لا تزيد عن 500 ألف فدان، وأشار إلى أنّ كمية الاستهلاك المحلي في العام 2013 من القمح بلغت 2300 ألف طن، ويعتقد أنها في العام 2022 ارتفعت إلى أكثر من ضعف ذلك نسبةً لزيادة السُّكّان والهجرة من الريف إلى المدن، ومضى قائلاً: مُبشِّرون بمجاعة وكذلك بخريف مُبشِّر للعروة الصيفية، وحَثّ الدولة على استغلال المشاريع على أن تتم زراعتها بأكبر كمية من الذرة.