التلويح بالانتخابات المبكِّرة.. لمن توجه الرسائل؟
الخرطوم: صلاح مختار 7 يونيو 2022م
إصرار رئيس البعثة الأممية للسودان فولكر بيتريس، على بدء الحوار المباشر مع القوى السياسية بمن حضر سيشكل عنصراً ضاغطاً على القوى الرافضة للدخول في الحوار والتي لديها تحفظات, وبالتالي ما تسعى إليه الآلية الثلاثية قد تصطدم بجدار سميك وعازل لأي فرص للتوصل إلى اتفاق يجمع بينها على مائدة مستديرة للخروج من الأزمة. ومما ليس منه بد فلا بد منه، فإذا كانت الانتخابات لابد منها فإن الظروف التي تحيط بعملية الحوار السياسي قد يعجِّل بها, وهو ما أراد أن يلفت إليه الانتباه مستشار القائد العام للجيش، العميد الطاهر أبو هاجة، بالقول: لن ننتظر مماطلة المدنيين في الجلوس للحوار. وأضاف، في تصريحات نشرتها وسائل إعلام محلية، سنعلن تهيئة البلاد لانتخابات مبكِّرة عاجلة قبل يوم 15 يونيو، لقطع الطريق أمام المتربصين بالعباد والبلاد.
الخطة (ب)
ولكن الجدول الزمني للانتخابات في السودان سبق أن حدَّده مجلس الأمن في قراره الأخير بشأن السودان الذي جدَّد فيه للبعثة الأممية لمدة عام، حيث قرَّر إجراء الانتخابات في العام المقبل. ويرى المحلِّل السياسي د. أبوبكر آدم، أن إعادة التفويض للبعثة حتى تتمكَّن من إنجاز واحدة من مهامها في السودان وهي تهيئة الأجواء السياسية للانتخابات. غير أنه قال لـ(الصيحة): أكثر ما يزعج بعض القوى السياسية الحديث عن الانتخابات المبكِّرة ربما ردة الفعل بسبب تخوُّفهم من عودة عناصر النظام المباد، بجانب ذلك تخشى من فقدان عنصر مهم من عناصر الجاهزية للخطوة، ويرى أن كثيراً من القوى السياسية انشغلت بالصراعات السياسية والاقتصادية وأهملت البناء القاعدي لأجهزتها التنظيمية، وقال: أشك أن يكون هنالك حزب سياسي أقام مؤتمراته القاعدية حتى يكون جاهزاً للعملية الانتخابية، وأضاف: إن مقاطعة الحوار المباشر سيعقِّد المشكلة ويزيد من تعقيد المشهد وانسداد الأفق وسيدفع بالآلية التفكير في الخطة (ب) وهو الاتجاه نحو حسم الفوضى السياسية بالانتخابات المبكِّرة، هو كما يراه البعض شر وأخف الضررين.
خيارات الحل
التلويح بالانتخاباتالمبكِّرة هي إحدى الحلول التي كان رئيس مجلس السيادة الفريق أول البرهان، طرحها خياراً للحل وتسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة، بجانب خيار آخر يتمثل في توافق القوى السياسية على حكومة متوافق عليها تكمل ما تبقى من عمر الفترة الانتقالية، وكرَّر ذات الاتجاه حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، المطالبة بضرورة تقصير أمد الفترة الانتقالية والتركيز على الشروع في ترتيبات انتخابية مبكِّرة عبر شراكة مدنية وعسكرية. واقترح مناوي، في تغريدة على حسابه بـ(تويتر) في وقت سابق أن الفترة الانتقالية هي الفترة التي يجب تقصيرها ليتم التركيز في ترتيبات انتخابية عبر شراكة قوى سياسية ومدنية وعسكرية، دون إحداث أي خلل في المطالب والشعارات التاريخية التي تتمثَّل في الهامش والمركز مع إشراك اللاجئين والنازحين لضمان حقهم في إجراءات انتقالية.
معايير الانتخابات
ولكن استحقاق إقامة الانتخابات المبكِّرة في وجهة نظر كثير من المراقبين تقتضي ترتيبات دستورية, وقانونية, وسياسية, واقتصادية, بجانب إنشاء مفوَّضية مستقلة, وإجراء إحصاء سكاني، فضلاً عن توفير السلام والأمن والاستقرار تهيئة المناخ والحريات وتطبيق المعايير الدولية والحقوق الأساسية، التي أرست في القانون الدولي لحقوق الإنسان, باعتبار أن الانتخابات تعد أحد أهم وسائل الاستقرار السياسي في البلدان, لذلك فإن إقامتها تتطلَّب وضع ترتيبات محدَّدة بشكل سليم ودقيقة وفق المعايير حتى تستطيع أن تفضي في نهايتها لنتيجة مرضية تسهم في إرساء نظام سياسي. وأكد المراقبون أن تلك معايير بالنظر للواقع المأزوم الذي تعيشه البلاد -حالياً- غير متوفرة، بل أن البعض يعتبر الحديث حولها غير واقعي، وقالوا: إن قامت فستكون شائبة وغير مستوفية لأبسط المعايير المطلوبة. ولكن البعض الآخر يريدها تجربة وأن كانت أقل فإن المحاولة سوف تستمر إلى أن يكبر المولود وبالتالي يرغب البعض في الاحتكام إلى صناديق الاقتراع حتى وأن كان حولها بعض العيوب.
نسب المشاركة
ولأن معيار قيام الانتخابات تحدِّدها نسبة المشاركة في الحوار المباشر توقع رئيس المجلس القيادي لتحالف سودان العدالة بحر إدريس أبو قردة، في وقت سابق الدعوة لانتخابات مبكِّرة. مبيِّناً أن الانتخابات محطة من محطات الحل المهمة حتى لا ننزلق البلاد للأسوأ. دعا كذلك جميع القوى السياسية والكيانات للخروج بمبادرة واحدة للخروج من الأزمة السياسية, وأكد أن انسداد الأفق السياسي أثر على الاقتصاد ومعاش الناس. بات يهدِّد وجود الدولة مما يستدعي معه ضرورة التحرك لإيقافه وانتشال الدولة. وقال أبو قردة في مؤتمر صحفي سابق: إن المبادرات التي طرحت حتى الآن بينها قواسم مشتركة وبالإمكان أن تجمع في مبادرة واحدة، وأضاف دون معالجة الملف السياسي لن يتم معالجة بقية الملفات. ورأى أن قوى الحرية والتغيير فشلت فشلاً ذريعاً في جميع الملفات، ونوَّه إلى وجود تهديد لوجود الدولة، ولفت إلى الانفلات الأمني، مشيراً إلى وجود مظاهر خطيرة بدأت في الساحة وحذَّر من تفكيك الدولة، وقال: يجب أن لا نسمح بذلك، وأضاف: لا استبعد لجو بعض القوى السياسية لخيار الانقلاب.
أحزاب صفرية
على اتجاه نفسه يعتبر محمد سيد أحمد، الجاكومي، القيادي بالاتحادي الأصل ورئيس كيان الشمال، أكد في حديث سابق لـ(الصيحة) إن الدعوة لإقامة انتخابات مبكِّرة ليس رؤية حاكم دارفور، فحسب وإنما هي دعوة القوى الوطنية الحيَّة صاحبت الوجود. وأضاف: هنالك أحزاب صفرية وعدمية استلمت السلطة فترة غياب القوى الحيَّة الرئيسة في الساحة السياسية وعملت على الاستحواذ على كل مقاليد السلطة وأقصت القوى الحيَّة. وأضاف: حتى المكوِّن العسكرى شريكهم في الحكم لم تقم أي جهة بتفويضه، ورأى أن التفويض الحقيقي يأتي عبر الرجوع للشعب, وجدَّد الدعوة لقيام انتخابات, وقال: في ظل الاحتقان السياسي وعدم التوافق ليس أمامنا سوى اللجوء انتخابات مبكِّرة .