5 يونيو 2022م
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
صلاح أمرك للأخلاق مرجعه فقوم النفس بالأخلاق تستقم
إذا أصيب القوم في أخلاقهم فأقم عليهم مأتماً وعويلا
تعتبر تلك الأبيات من الأشعار التي قصد فيها الشاعر الإشارة إلى الأخلاق الحميدة والتحلي بالفضيلة، الفساد الأخلاقي من أعظم الفواحش التي يُعاني منها المجتمع السوداني، بل العالم أجمع فقد تكون القضية الرئيسية التي تشغل بال الحكومات فلا يُوجد في الأرض مجتمع مثالي خالٍ من مظاهر الفساد وتفشي الفاحشة والزنا، ويبقى هناك تفاوت نسبي بين كل مجتمع وآخر، وإذا ركّزنا على مجتمعنا السوداني بعد ثورة ديسمبر المجيدة فقد استمر يرزح تحت آفة الفساد بكل أنواعه وأشكاله والحكومة تُعاني من صعوبات ومعوقات مختلفة تقف في طريق التقدم والتطور ومحاربة الفساد خاصة الأخلاقي.
وفي تقريرٍ صادمٍ، كشفت مديرة منظمه «شمعة» نور حسين (عن وجود ما لا يقل عن (7000) حالة ولادة خارج الإطار الشرعي بولاية الخرطوم في الفترة ما بين 2011م و2022م، وعزت ذلك إلى غياب الوازع الديني والفقر والتفكك الأسري الذي شهده المجتمع خلال الثلاث سنوات الأخيرة).
هذا العدد الكبير الصّادم في ولاية الخرطوم فحسب، ناهيك عن الحالات الأخرى بولايات السودان المختلفة، والحمل خارج إطار الشرعية بلا شك نتيجة زنا ووطء غير شرعي، وكنا قد درسنا في مادة الفقه أن الزنا هو وَطء الرجل لامرأةٍ من غير عقدٍ شرعيّ، أو هو مُباشرة المرأة الأجنبيّة، أو الفُجور. هو وطء الرّجل المرأة في القُبل أو الدّبر من غير المِلك أو بشُبهةِ المِلك، أي بغير نكاح صحيح، وقد أجمع العُلماءُ على حُرمتهِ وأنّهُ من الكبائر، وقد ثبت ذلك في الكتاب والسّنة، أما في الكتاب فقد قال الله سبحانه وتعالى (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا) صدق الله العظيم، وأمّا في السّنة ففي جواب النبي عليه الصّلاةُ والسّلام للرّجُل الذي سألهُ عن أعظم الذُّنوب، فقال له عليه الصّلاة والسّلام (أنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا، وهو خَلَقَكَ، قُلتُ: إنَّ ذلكَ لَعَظِيمٌ، قُلتُ: ثُمَّ أيُّ؟ قالَ: ثُمَّ أنْ تَقْتُلَ ولَدَكَ تَخَافُ أنْ يَطْعَمَ معكَ، قُلتُ: ثُمَّ أيُّ؟ قالَ: ثُمَّ أنْ تُزَاني بحَلِيلَةِ جَارِكَ)، وما كان ذلك إلا لما يترتب على فعل الزّنا من آثارٍ سلبيّة وسيّئةٍ على الفرد وعلى المُجتمع من تدميرٍ للأُسر، واختلاطٍ للأنساب.
وتفشي الفاحشة والزنا في المُجتمع بهذه الصورة العجيبة بلا شك سوف تكون له آثار على المديين القريب والبعيد صحية واجتماعية، مما يؤكد انعدام الوازع الديني والأخلاقي ويمكن ان يكون سبباً مباشراً في ارتكاب جرائم أخرى، ونتيجة طبيعية أيضاً زيادة عدد المواليد مجهولي الوالدين وبالتالي اختلاط الأنساب، أما الحديث عن آثاره الصحية فهي كثيرة خاصة الناتجة عن المعاشرة غير الشرعية والزناة خارج نطاق الشرعية معرضون أكثر من غيرهم للإصابة بأمراض (الإيدز والزهري والسيلان).
تفشي هذه الظاهرة نعزيه إلى غياب دور الأسرة في الرعاية وكذلك ضعف مُؤسّسات التربية المدرسة والأسرة أيضاً، كذلك دور العبادة والمُؤسّسات الدعوية ووسائل الإعلام، الناظر للواقع المُخيف الذي نعيشه يُشكل خُطورة على مُستقبل الشباب ومُستقبل الوطن بشكل عام، ومُحاربة هذه الظاهرة تحتاج الى تضافر جُهود الحكومة بمؤسساتها كافة وأعمال مبدأ العقاب والرقابة عبر تفعيل القوانين ورفع توعية المُجتمع.
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل،،،