الشارع يغرِّد خارج السرب الآلية الثلاثية بعد المشاورات.. هل يمكن أن تتجاوزه؟
الخرطوم: آثار كامل 2 يونيو 2022م
رحَّبت الآلية الثلاثية (اليونيتامس، الاتحاد الأفريقي والإيقاد) بالقرار الذي صدر من الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي، والذي أنهى بموجبه حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد والإفراج عن المعتقلين السياسيين، وأعتبرتها خطوات إيجابية لتهيئة المناخ الملائم للتوصل إلى حل سلمي للمأزق السياسي، ونجد أن الآلية شجعت أصحاب المصلحة على الاستعداد بحسن نية لحوار بنَّاء حول حل سياسي وطريقة سلمية للخروج من الأزمة الحالية، ودعت إلى توفر إرادة سياسية صادقة لتنفيذ القرارات وأعربت عن تطلعها لبدء المحادثات المباشرة لاستعادة الانتقال الديموقراطي بقيادة مدنية وبالعودة للسابق نجد أن الحرية والتغيير المجلس المركزي ربط الانخراط في المشاورات والعملية السياسية برفع حالة الطوارئ والاتفاق على أهداف العملية السياسية المتمثلة في إنهاء الحكم العسكري، وإقامة سلطة مدنية تكون القوات النظامية فيها إحدى مؤسسات الدولة وليست شريكة في الحكم، ورحَّبت برفع حالة الطوارئ ولكن تم ربطه بالشروط الأربعة الخاصة بتهيئة مناخ الحوار للدخول في العملية السياسية لإنهاء الأزمة، وهي: رفع حالة الطوارئ والإفراج عن جميع المعتقلين، وحماية المدنيين في مناطق النزاعات كدارفور، وإنهاء إعادة تمكين عناصر نظام البشير السابق في مفاصل الدولة، فيبدو أن الكل -الآن- أصبح في حالة استعداد للجلوس إلى الحوار المباشر، لكن بالمقابل تلك القرارات لم توقف الشارع وحركة المتظاهرين السلميين المطالبين باستعادة الحكم المدني، طيلة الأشهر الماضية، رغم عمليات الاعتقال وسقوط أعداد كبيرة من الشهداء والجرحى، حيث بات الشارع بعد المعطيات الأخيرة يغرِّد خارج السرب ولهذا فإن السؤال الذي يدور في مخيلة السودانيين، هل يمكن للآلية الثلاثية من خلال مشاوراتها أن تتجاوز الشارع؟ وهل الشارع سيتجاوز الكل ويواصل فيما يراه من تصعيد ثوري؟
مسودة التوافق الوطني
كشفت الحرية والتغيير مجموعة التوافق الوطني عن اعتزامهم إعداد مسودة للدفع بها للآلية الثلاثية في إطار مساعيها لتسهيل الحوار بين الأطراف السودانية،
وأوضح الناطق الرسمي باسم التوافق الوطني، الدكتور محمد زكريا، في تصريح وفق “الترا سودان”، أن الملامح العامة لهذه المسودة تشمل التأكيد على مرجعية دستورية حاكمة للفترة الانتقالية وتطوير وتعزيز وتسديد الشراكة المدنية العسكرية، بالإضافة إلى التوافق على العلاقة بين المنظومات المدنية والجهاز السيادي والتنفيذي، فضلًا عن اتفاق الأطراف حول الإجراءات التي تفضي إلى انتخابات شفافة، وأضاف محمد زكريا، بأنهم يسعون للاتفاق على برنامج محدَّد ومقتضب وموجز للجهاز التنفيذي، وكذلك الاتفاق على الهياكل السيادية والتشريعية والتنفيذية، وتابع: “ماهية هذه الهياكل وأعدادها وكيفية الترشيح إليها ومعايير الاختيار لها، هل نتفق على مجلس تشريعي وما نسب التمثيل، أما ما تبقى من فترة يمكن الاكتفاء بالصيغة القديمة، المجلسين المشتركين، أم نبتدع صيغة ثالثة جديدة؟
الانقسام إلى تيارات
يرى المحلِّل السياسي والأكاديمي د. عصام بطران، في حديثه لـ(الصيحة) بأنه غير متفائل للحوار، لأنه يتم عبر أجسام حقيقة، ولكن على أرض الواقع نجد الكل منقسم إلى تيارات، فنجد قوى الحرية والتغيير منقسمة إلى ثلاثة تيارات ومجموعة التوافق الوطني منقسمة إلى ست تيارات، فإذاً مع من التحاور؟ ونوَّه بأن الحوار لابد أن يقوم على أرضية قانون سليم يعرف من هو الحزب ومن القاعدة التي تقوم عليها أحزاب مهيكلة؟ دون ذلك لا فائدة لأي حوار، كذلك لابد أن يكون هناك قانون انتخابات واضح، ويرى بطران بأن لابد من فترة انتقالية محايدة توصل إلى انتخابات ويضيف بأن الكل يفاوض لأجل حكم الفترة الانتقالية أو الوصول إلى انتخابات من يفاوض لحكم فترة انتقالية سيصل إلى نتائج غير إيجابية، وقال بطران: لماذا الكل يتكالب على حكم الفترة الانتقالية لكي يضع سياساته وأيديولوجياته للدخول إلى الانتخابات بتمكُّن، وهذه تعتبر نظرة غير سليمة، ولفت إلى أن الشارع الموجود -الآن- مسيَّس وينفَّذ مهام معيَّنة بأجندة تصاغ عبر كتل سياسية يعلمها الجميع.
إزالة العقبات
يرى أستاذ العلوم السياسية صابر الحاج، في حديثه لـ(الصيحة) أن رفع الطوارئ يمهِّد لإزالة إحدى العقبات الرئيسة في طريق الحوار ووصفها بالإيجابية خصوصاً في إطار تجاوب القوى السياسية وقبولها للحوار المباشر، ولكن يبقى الشارع في حالة تعنُّت ولن يرضى بما يحدث الآن باعتبار أن السلطة سلطة شعب ولا بد من تحقيق الدولة المدنية كاملة بعيداً عن العسكر، وأضاف بأن الشارع -الآن- في مرحلة الاختيار، أما قبول الحوار المباشر مع العسكريين، وأما أن ترى بأن مايتم -الآن- لن يقود إلى حل.
تطلُّعات الشارع
قال د. خالد قنديل محمد، المحلِّل السياسي أن الشارع بات أكثر انقساماً إجراءات (25) أكتوبر، خاصة وأن الخطوة لم تجد قبولاً من قوى الشارع الحيِّة من لجان المقاومة والأحياء والتنظيمات الشبابية غير المرتبطة بقواعد حزبية، ولفت في حديثه لـ(الصيحة) بأن تتعدَّد شروط الاختيار أمام الشارع الآن في ظل اتجاه الجميع نحو الحوار الذي دعت إليه الآلية الثلاثية، مضيفًا بأن على الذين يريدون الوجود في مائدة الحوار تقديم أطروحات وبرامج يرى فيها الشارع تطلعات وطموحات ثورة ديسمبر المجيدة.