في زيارته الثانية للخرطوم الخبير المستقِل… ماذا يحمل من أجندة؟
الخرطوم: آثار كامل. 1 يونيو 2022م
أعلنت الأمم المتحدة أن الخبير المستقِل المعني بمتابعة حقوق الإنسان في السودان أداما دينق، سيصل الخرطوم اليوم الأربعاء، في زيارة تستمر لأربعة أيام، وقال بيان صادر عن الأمم المتحدة بالسودان: إن أداما، سيلتقي خلال زيارته التي ستنتهي في 4 يونيو، مع كبار المسؤولين الحكوميين، كما سيلتقي مع ممثلي منظمات المجتمع المدني، والمدافعين عن حقوق الإنسان، ورؤساء كيانات الأمم المتحدة، والدبلوماسيين، وأوضح البيان أن أداما، سيستمر خلال هذه الزيارة في التواصل مع السلطات السودانية، ومتابعة الإجراءات التي اتخذتها السلطات، لمعالجة التوصيات التي قدَّمها عقب زيارته الأولى في فبراير، من هذا العام، وذكر البيان أن نتائج زيارة المتابعة هذه ستسهم في الحوار التفاعلي المعزَّز بشأن السودان الذي سيعقد في 15 يونيو المقبل، خلال الدورة الخمسين لمجلس حقوق الإنسان، وتعد هذه الزيارة الثانية التي يقوم بها أداما، منذ أن عَيَّنه المفوَّض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في نوفمبر الماضي، خبيراً للأمم المتحدة، المعني بمراقبة حالة حقوق الإنسان في السودان (واس).
الزيارة الأولى
سبق وأن زار أداما، السودان في فبراير المنصرم، واستمرت زيارته أربعة أيّام، بعد شهر من تأجيل الزيارة بناءً على طلب السلطات السودانية، والتقى أداما، في زيارته الأولى خلال الاجتماعات مع مختلف القوى والكيانات السودانية، وقال ديينغ، في تدوينه على تويتر، إنه أجرى خلال الزيارة، اجتماعات مفيدة وبناءة مع المجتمع المدني وأسر ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان والسلطات، واستمع إلى تقارير من منظمات المجتمع المدني ومن بينها هيئة محامي دارفور وهيئة الدفاع عن ضحايا الاعتقال الجزافي ومحامي الطوارئ ومكتب الأطباء الموحَّد.
الدورة الخمسين
ونجد أن (ولاية) أداما ديينق، تأتي وفق قرار صادر عن مفوَّضية حقوق الإنسان، أصدرته مفوَّضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ميشيل باشليه، جعلته خبيراً (مُكلّفاً) بمراقبة حالة حقوق الإنسان في السودان، بالتعاون الوثيق مع مكتب المفوَّض في السودان، وسيساهم دينق، من خلال عمله الميداني، عبر هذا التكليف، في التقرير الذي من المقرَّر أن تُقدِّمه السيدة باشليه، في يونيو 2022م، خلال الدورة العادية الـ(50) لمجلس حقوق الإنسان، كما أن أداما ديينق، تبوأ من قبل موقعاً رفيعاً، في المنظومة الأممية، هو المستشار الخاص للأمم المتحدة المعني بمنع الإبادة الجماعية، كما تقلّد وشغل قبل ذلك، منصب كاتب المحكمة الجنائية الدولية لرواندا من 2001 إلى 2008م.
لقاءات مختلفة
توقع خبراء في مجال حقوق الإنسان خلال حديثهم لـ(الصيحة) بأن الخبير المستقل المعني بمتابعة حقوق الإنسان في السودان أداما دينق، تتركز مهمته في إقامة حوار مع جميع أطراف الأزمة بهدف الحد من حدة التوتر، تحسين الوضع الإنساني في البلاد، لحين إعادة تشكيل الحكومة المدنية، كما سيتابع خلال زيارته للخرطوم مع الحكومة المسائل المثيرة للقلق فيما يختص بحقوق الإنسان خاصة بعد إجراءات (25) أكتوبر، ومايحدث من انتهاكات خلال المواكب السلمية، بجانب توقعهم بإجراء مباحثات مع المدافعين عن حقوق الإنسان وأصحاب المصلحة ومنظمات المجتمع المدني وقادة المجتمع من أعضاء السلك الدبلوماسي والأمم المتحدة بجانب تسجيله زيارات للمرافق والمؤسسات الحكومية ومنظماتها، وتوقع الخبراء بأن الخبير المستقل سيهتم بوضع المعتقلين والموقوفين بجانب لقاء القوى المدنية المتمثلة في لجان المقاومة وتجمُّع المهنيين والحرية والتغيير وهيئة محامي دارفور ومحامي الطوارئ.
مطالبات نونوسي
وكان السودان قد ظل تحت بند الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان بصورة مستمرة منذ العام 1993م، وكان الخبير المستقل المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان اريستيد نونونسي، قد طالب في تقريره أمام اجتماعات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في الدورة (45) بالتصديق على الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي لم يصادق عليها السودان بمافي ذلك اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة واتفاقية مناهضة التعذيب، ودعا في تقريره للنظر في التصديق على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والتعاون مع المحكمة من أجل محاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في دارفور، واستعجل التقرير الحكومة بإنشاء المفوَّضيات المستقلة المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية المفوَّضيات المعنية بالسلم والإصلاحات القانونية والعدالة الانتقالية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة، وشدَّد التقرير على ضرورة تقديم الدعم الضروري للجنة التحقيق الوطنية المستقلة في أحداث الثالث من يونيو 2019م، حتى تكون قادرة على بذل قصارى جهدها لتحقيق العدالة وتقديم التعويض للضحايا، كما دعا الخبير المجتمع الدولي لدعم الحكومة السودانية لوضع وتنفيذ خطة شاملة للعدالة الانتقالية بما في ذلك محاكمة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان.
العدالة الانتقالية
أفاد المحلِّل السياسي محمد علي عثمان، لـ(الصيحة) زيارة الخبير المستقل المعني بمتابعة حقوق الإنسان في السودان، أداما دينق، تعتبر زيارة روتينية تأتي في إطار التحري والمراجعة فيما تم بشأن زيارته الأولى للسودان بجانب الموقف العام بشأن تسليم المطلوبين للجنائية، ونوَّه بأن ربما يريد أن يبحث مع الحكومة عن آلية جديدة لتنفيذ خطة العدالة الانتقالية ومحاكمة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان، وأضاف عثمان، بأن التطوُّرات الأخيرة التي حدث في البلاد ربما أحدثت واقعاً جديداً يتطلَّب من الخبير الزيارة بجانب التحديات والتعقيدات، خصوصاً بعد ماحدث في (25) أكتوبر.
زيارة دارفور
قال المختص في القانون الدولي الإنساني والجنائي نصر الدين طه لـ(الصيحة): إن الخبير المستقل تنتظره مهام شاقة خاصة بعد إجراءات (25) أكتوبر، وعليه التحري والبحث عن الانتهاكات التي حدثت ومعظمها موثَّق وتعتبر انتهاك للحريات وقمع حق حرية التعبير سواءً أكان في الخرطوم، أو الولايات، وأضاف بأن ماحدث في دارفور من ارتفاع في وتيرة العنف وانتهاكات حقوق الإنسان يستدعي زيارة الخبير لدارفور كضرورة قصوى للوقوف على الأوضاع وتقييمها.
تقارير مهمة
قال المحامي والناشط الحقوقي وعضو محامي الطوارئ منتصر عبد الله، في حديثه لـ(الصيحة): إن زيارته تأتي في إطار متابعته أوضاع حقوق الإنسان في السودان، ولفت إلى أنه سيطَّلع على التقارير التي تمَّ إعدادها عبر منظمات المجتمع المدني والجهات غير الموجَّهة خصوصاً بعد تدني حقوق الإنسان في السودان بعد (25) أكتوبر، وحدوث وفيات واختفاء قسري واعتقالات كل ذلك لتفادي المعلومات المغلوطة والتي لديها تأثير على المشهد السياسي، وحث منتصر، على أن يتم إطلاق سراح المعتقلين بسجن بورتسودان وسجن دبك، وتوقع إطلاق سراح متبقي المعتقلين بسجن سوبا خلال اليوم، وأشار إلى أن الزيارة لديها صدى وتحث الحكومة على تهيئة جو الحوار وجو الحريات.