بعد غياب دام ثلاثين عاماً .. السفير الأمريكي في الخرطوم قريبا… والتوتر لايزال قائماً
الخرطوم: الطيب محمد خير 31مايو 2022م
أقر وزير الخارجية المُكلَّف السفير علي الصادق، بأنّ العلاقات بين واشنطن والخرطوم ليست على ما يرام، غير أنه أضاف: إن شعرة معاوية ما زالت موجودة ولم تنقطع بالزيارات المتبادلة من الجانبين، ورجَّح الوزير وصول السفير الأمريكي للخرطوم في أيِّ وقت بعد موافقة الكونغرس الأمريكي الأسبوع الماضي، وكذا رشَّح السودان سفيره لدى واشنطن ينتظر موافقتها عليه حتى يباشر مهام عمله، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة مثَّلت أكثر الدول الداعمة للانتقال في السودان، غير أنها رهنت استئناف الدعم بالعودة للمسار الديموقراطي.
كانت الإدارة الأمريكية قد شرعت في فترة سابقة بخطوات فعلية لترميم جسر علاقاتها مع السودان باتخاذها خطوة بتعيين سفير لها في الخرطوم لأول مرة منذ (23) عاماً، وبرز اسم الدبلوماسي الأمريكي المحنَّك جون جو دفري، الذي شغل منصب القائم بأعمال مبعوث وزارة الخارجية الأمريكية لمكافحة الإرهاب، إلى جانب منصبه الدبلوماسي في إدارة الشرق الأوسط، إلا أن هذا القرار قد تأخر تنفيذه وظل التمثيل الدبلوماسي الأمريكي على مستوى القائم بالأعمال، رغم حرص السودان على إعادة العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية لعدة اعتبارات، أهمها الوضع الاقتصادي الذي لا يحسد عليه في ظل حاجته الملحِّة للمساعدات المالية والاقتصادية والاستثمارات التي تدفع العجلة الاقتصادية.
النظام الأمريكي
وقال الخبير الدبلوماسي مدير الإدارة الأمريكية بوزارة الخارجية الأسبق السفير الطريفي كرمنو لـ(الصيحة)، إنه لا يرى مايمنع عودة السفير الأمريكي للخرطوم رغم الوضع الذي يشهده السودان، لأنه لا يمكن الربط بين أن العلاقات بين البلدين ليست على مايرام وكذلك عودته، كما أشار السيد وزير الخارجية المُكلَّف السفير علي الصادق، وأبان كرمنو، أن عودة السفير أصبحت ممكنة طالما أن الكونغرس وافق على ترشيحه حسب النظام المُتَّبع في النظام الأمريكي لترشيح السفراء بموافقة الكونغرس.
وعن سبب تأخر الموافقة من قبل الكونغرس، قال السفير كرمنو: إن التأخير سببه أن السفير ليس كما متبع عندنا في السودان، لأنه يخضع لمناقشة ومساءلة في الكونغرس عن دوافع قبوله الذهاب إلى السودان.
وأضاف كرمنو: إن وصف وزير الخارجية للعلاقة السودانية الأمريكية بأنه أشبه بشَعَرة معاوية، قال: إن هذه الشَعَرة ظلت قائمة منذ عهد الرئيس المخلوع البشير، ولم تنقطع العلاقات الدبلوماسية بين واشنطن والخرطوم، رغم التوتر الذي كان قائماً ولايزال، وظلت الدبلوماسية بين البلدين في مستوى القائم بالأعمال، ومعروف أن القائم بالأعمال له تأثير، وصلاحياته محدودة مقارنة بالسفير.
انتعاش العلاقات
وأشار كرمنو، إلى أن السودان رشَّح سفيره لدى واشنطن وينتظر موافقتها عليه، وأضاف السفير كرمنو، أنهم نصحوا رئيس الوزراء المستقيل حمدوك، بعدم التسرُّع في ترشيح سفير لدى واشنطن عندما سمى نور الدين ساتي، سفيراً للسودان وطلبنا أن ينتظر لحين وصول السفير الأمريكي للخرطوم، لأن تأثيره سيكون أكبر، أما السفير السوداني أثره قليل.
وقطع كرمنو، بأن السفير الأمركي سيصل الخرطوم، وقال إنه يتوقع تنامي النشاط الدبلوماسي، وأن العلاقة بين البلدين ستشهد تقدُّماً بوجود السفير الأمريكي في الخرطوم بعد غياب دام ثلاثين عاماً، فهذه العودة ستنعش العلاقة السودانية الأمريكية، وأضاف: لا أتوقع أن الوضع المعقَّد في مسيرة الفترة الانتقالية سيكون له تأثير في انعاش العلاقة، بل العكس وجود السفير سينهي عملية إرسال المبعوثين التي سببها غياب السفير الذي وجوده أقوى وأنفع للحكومة الأمريكية والسودان.
تسمية سفير السودان
قال السفير جمال محمد إبراهيم لـ(الصيحة): طالما تمت تسمية سفير السودان لدى واشنطن، وكذا تم ترشيح السفير الأمريكي وينتظر وصوله، فعلى وزير الخارجية أن يُدلي بحديث ترحيبي بعودة تبادل السفراء بين البلدين وليس حديث يمكن أن يؤزم الموقف من قبيل أن العلاقات ليست على مايرام، مشيراً إلى أن عودة تبادل السفراء ليس له علاقة بما يجري في السياسة، والآن السودان رشَّح السفير محمد عبدالله إدريس، وهو سفير مهني، والسودان حريص في هذه المرحلة ألا يُرسل لأمريكا والاتحاد الأوربي سفيراً سياسياً، لأنه لن يتم اعتماده وإنما سفير مهني.
ليس على قلب رجل
وأضاف السفير جمال: لكن المجلس السيادي ليس على قلب رجل واحد، فالوزراء الموجودون -الآن- في مناصب بالتكليف فهم واقعين تحت تأثير مجلس السيادة، كل عضو فيه يوجههم حسب مايراه لعدم وجود تنسيق بين أجهزة الدولة، وأضاف: أتوقع حديث علي الصادق، هذا يمثل رأي أعضاء مجلس السيادة، وجاء بضغط منهم، لكن ليس من قِبَل البرهان، وهذا وضع غير طبيعي، لأن الوضع الطبيعي أن تُقيِّم وزارة الخارجية الوضع وترسل تصريحاتها.
وأشار السفير جمال، إلى التقييم الموضوعي يظهر من التقرير الذي قدَّمه رئيس (يونيتامس) فولكر، أمام مجلس الأمن، فقد حوى شيئاً من التوازن ولم يتحدَّث عن المكوِّن العسكري بحدة، كما في المرات السابقة، بل تعرَّض فيه بنقد الجانب المدني وطالبه بتليين مواقفهم حتى يَتقدَّم الحوار وتُحل أزمة السودان، وهذا وافقه عليه حتى الروس، وعلى العكس الأمريكان ضاغطين وغير آبهين بما جاء في تقرير فولكر، ويبنون موقفهم على التقارير التي تصلهم من الخرطوم من لجان المقاومة والأحزاب، وأضاف: بالتالي العلاقة مع أمريكا مرتبطة بالفترة الانتقالية وتحديد مهامها، والأهم أن تتم بحكم مدني بمصداقية وألا ستستمر العقوبات وأمريكا لديها كثير من وسائل الضغط على الحكومة السودانية، لأنها معوِّلة على السودان بصورة كبيرة خاصة أنهم يخططون لإدارة كل مصالحهم في المنطقة من الخرطوم.