*للمجتمع السوداني عادات وتقاليد فريدة جداً، قلّما توجد في المجتمعات العربية والأفريقية، واكتسب أهل السودان هذه العادات من القيم الإسلامية السمحة التي جاءت بها رسالة خاتم الأنبياء والمرسلين.
*وقلما تجد في المجتمعات الأخرى شبيهاً لأهل هذه البلاد، فشبابه قوي وصاحب إرادة، وشيوخه يمتلئون حكمة ووقاراً جعلت من الإدارات الأهلية ذات بأس وشدة وقرار.
وللمرأة في هذا المجتمع مكانتها الرفيعة التي أعطاها لها الإسلام، وللطرق الصوفية مكانتها في وجدان الكثير من أهل السودان.
*وحينما تجتمع صفات الإدارة الأهلية والطرق الصوفية مع تلك التي يمتلكها الشباب والمرأة، نجد مجتمعاً عقلانياً يفكر بعقله قبل عاطفته، وبقوته قبل ضعفه، وبحكمته قبل تهوره، ومع هذه الصفات خرجت مبادرة أهل السودان، لجعل هذه الديار آمنة ومستقرة تتحقق فيها كل الأماني الممكنة وغير الممكنة.
*ولم تأت مبادرة أهل السودان للوقوف خلف المجلس العسكري في الظروف الراهنة، إلا بعد أن كادت البلاد تهوي إلى هاوية سحيقة، وهي كانت في شيء أشبه من ذاك.
*والمتتبع للحراك السياسي في السودان، يلاحظ أنه بعد نجاح ثورة ديسمبر ورحيل نظام الإنقاذ، كانت كل المفاوضات تتم مع جزء يسير من المكونات السياسية في السودان، ألا وهي إعلان قوى الحرية والتغيير، ولم يكن هذا التفاوض شرعياً باعتبار أن هناك إقصاء للكثير من القوى السياسية التي تدير الحراك في الشارع السوداني.
*ووصل المجلس العسكري إلى طريق مسدود بعد تعنت “قحت” في شروطها وإبدائها رغبة كبيرة في حكم السودان وحدها دون أن يشاركها الآخرون في هذا الحكم.
*لذا كانت مبادرة أهل السودان لنصرة وتأييد المجلس العسكري في الخطوة التي يريد الإقدام عليها وأعلنها رئيس المجلس العسكري الفريق أول عبد الفتاح البرهان في بيان عيد الفطر عقب أحداث فض اعتصام القيادة.
*في ذاك الخطاب أعلن البرهان أن المجلس سيشكل حكومة تصريف أعمال لإدارة الفترة الانتقالية حتى قيام الانتخابات ليختار أهل السودان من يريدونه.
*وقبل هذه الخطوة، خرج أهل السودان في مبادرة لنصرة المجلس وتأييده في الخطوات التي من حقه أن يقدم عليها وفي مقدمتها تشكيل حكومة من الكفاءات لإدارة شؤون البلاد قبل الانتخابات.
*في الأسبوع المنصرم، شهدنا تأييداً كبيراً للمجلس من الإدارة الأهلية والمرأة والطرق الصوفية، من خلال لقاءات جماهيرية خاطبها نائب رئيس المجلس العسكري الفريق أول محمد حمدان دقلو، وما شاهدناه يؤكد أن جميع هذه الكيانات تقف خلف المجلس في الخطوة التى ينوي الإقدام عليها من أجل مصلحة البلاد والعباد.
*من قبل كتبنا كثيراً أن الحل الناجع لما يحدث في السودان هو تشكيل حكومة كفاءات بعيداً عن الأحزاب السياسية ليكون المجلس العسكري هو الضامن لهذه الحكومة من أي محاولة إقصاء لها، ولتتفرغ الأحزاب السياسية بما فيها الأحزاب المُكوِّنة لإعلان قوى الحرية والتغيير لتجهيز قواعدها للانتخابات وترك الخيار للشعب السوداني لاختيار من يحكمهم، وإن اختار الشعب أحزاب الإعلان فليفعلوا ما يشاءون حينها.
*عموماً نرى أن مبادرة أهل السودان جاءت في موعدها، وهي تعطي السند والقوة للمجلس العسكري لمواصلة ما بدأه في حفظ البلاد منذ رحيل الإنقاذ في أبريل وحتى الآن، ولنا ثقة كبيرة في جميع المكونات التي التقى بها نائب رئيس المجلس خاصة الإدارة الأهلية التي لها من القوة ما يكفي.