محجوب الخليفة يكتب : أرجوك لا تحارب الله
29 مايو 2022م
ربك الذي تعبده والرسول الذي تتبعه ودينك الذي تعتقد وجهدك وعطاؤك وحتى حكومتك التي تحكمك كلها لك ﻷنها بإرادتك واختيارك، أما شكلك ولونك وجنسك وقبيلتك فهي ليست لك ﻷنها ليست من اختيارك ولا بإرادتك. ولذا عليك أن تجتهد في تطوير وتحديث وتعزيز ما هو لك، مثلما عليك أن تقبل وترضى بما هو ليس باختيارك وإرادتك.
نحن نقع في الخطأ دائماً عندما نخضع ونستسلم لما هو لنا وبإرادتنا، بينما نتضجر، بل ونسعى لتغيير ما هو علينا وليس بإرادتنا فنقع في حبائل الحَياة الخَاسرة بمُحاربة أقدار الله، ونبقى في حصار الهزيمة عندما نستسلم ﻷوهام الجهل والسِّياسة وظُلم اﻷفراد والحكومات، ولا نُبادر بتطوير مواردنا ووسائلنا ولا نُفكِّر في مواجهة مشاكلنا، فالمؤسف أن هناك من لاحظ اهتمامنا بتغيير اشكالنا وعجزنا في حل مشاكلنا. فأسرع بصناعة المساحيق والكريمات وكل ما يقع في دائرة اهتمامنا وسعينا لتغيير أشكالنا وألواننا، كما خطّط لتوظيف مَشاكلنا حيناً لاستنزافنا وأحياناً كثيرة للسيطرة علينا والتحكُّم في دولنا واﻹبقاء علينا داخل حظائر الجهل نتنفّس غيبوبة التبعية.
أفريقيا وفي مُعظم دولها تظهر مثلما رسمها أحد الفنانين في شكل إنسان يجهد نفسه ويرهقها في مُحاولات خلع قناع وجهه اﻷسود وهو يقف فوق تلة من الكنوز وتُحاصره مجموعة من اﻷسود المُفترسة، اللوحة تُصوِّر بدقة حالنا العاجز عن توظيف الموارد واستعدادنا للسقوط ضحايا للأطماع.. (الكنوز مواردنا المُهملة واﻷسود هي اﻷطماع التي تترصّدنا)، نحن مَن نشتري ما يُغيِّر ألواننا ويفسد عقائدنا ويشغلنا عن الحياة الحقيقيّة بمليارات الدولارات، ﻷن ثمة مفاهيم جديدة تتسلّل إلينا من الخارج بشتى الوسائل تجعلنا نكره ألواننا وأشكالنا، بل وأوطاننا وتدفعنا إلى احتقار كل ما نملك ونسخر من بعضنا البعض، بل قد تتحوّل تلك السخرية الى كراهية ونزاعات متجددة وحروب لا تنتهي.
مَن يخبرنا ويقنعنا بأنّ مُحاولاتنا المُرهقة لخلع قناعنا اﻷسود، وإسرافنا في دفع اﻷموال لتغيير أشكالنا والتنكُّر لانتماءاتنا وكراهية قضاء الله وأقداره هي خسراننا المُبين، ﻷننا نُحارب الله ونعترض على مشيئته، نحن في حاجة لنعرف أن المطلوب منا هو تصحيح عقائدنا الفاسدة والتخلُّص من ثقافاتنا وأعرافنا السالبة، والعمل على مواجهة مشاكلنا وابتكار الحلول والحرص على حماية مواردنا وتوظيفها بدقة حتى يصبح سوادنا رمزاً للسيادة وعزة النفس والقوة والجسارة، حينها سيعترف العالم أننا أهل المجد وأصحاب الحضارة، فيا مَن تقرأ هذه الحروف من أهل السودان وكل أفريقيا أرجوك توقف عن مُحاولاتك لتغيير شكلك أو الهروب من وطنك عبر السنابك والمراكب والبحار، بحثاً عن واقع جديد، فلماذا لا تفكر في أن البلدان التي تهرب إليها عبر البحار وصلت الى الرفاهية بالتفكير والجرأة وبنت مجدها وتطوُّرها من موارد وطنك الذي تهرب أنت منه ظناً منك أن الثروة والمال هناك، بينما أموالهم وثرواتهم هي من أرضك ووطنك أنت.. أرجوك لا تحارب الله، ولكن حارب الجهل والغباء والعجز الذي يُسيطر عليك وتَخَلّصْ من اﻷوهام فأنت السيد وأنت صاحب الثروات ولكن متى تدرك ذلك.؟