عبد الله مسار يكتب: الحزب الشيوعي في مرمى القانون (١)
29مايو 2022م
الحزب الشيوعي السوداني من أوائل الأحزاب السودانية نشأةً، فهو نديد في النشأة لحزبي الأمة والاتحادي. وهو من أوائل الأحزاب الشيوعية في أفريقيا ومن أعرقها، بل كان ينظر إليه شيوعيو العالم انه حزب طليعي، وتاريخياً به كوادر كثيرة مهمة وخاصة في مقتبل قيامه كان على رأسه عبد الخالق ثم نقد ثم آلت القيادة للخطيب.
ولكن رغم كبر سنه وتاريخه الممتد وكوادره المؤهلة، ولكن كثير الأخطاء وقليل التجديد، وفي كثير من الأحيان يصنع الأحداث والثورات ويكون في طليعتها، بل يتحمّل من الأذى والعذاب الكثير، ولكن ما أن تنجح حتى يعارضها ويخرج منها ويبدأ مرحلة معارضة جديدة. وتُتاح له فُرص المشاركة في الحكومة التي هي نتاج ثورته، ولكن يخرج عنها معارضاً في أول لفة، بل يختلف مع شركائه الذين صنعوا معه الثورة، وبل يأخذ موقفاً معارضاً بشدة لهؤلاء الزملاء إما بحجة خروجهم عن خط الثورة، او انهم تعاونوا مع عسكر، او انهم لا يحققون مصالح الثوار، في كل الأحوال يعطي نفسه حق أنه هو الصحيح والآخرون خطأ ويظل يقدم أطروحات تناقض بعضها البعض بحجج مُختلفة.
يلاحظ في ثورة ابريل هو من صناعها، ولكن ذهب في اتجاه معارضتها بعد أن خرج من الحرية والتغيير المركزي وهما في المعارضة الآن، ولكن هو أخذ منحى معارضة المعارضة في ذلك مصلحة واضحة لخُصوم الطرفين، وأعتقد أن ذلك في مصلحة العسكر والقوى السياسية والمجتمعية التي ضد الحرية والتغيير المركزي، كذلك الحزب الشيوعي، وهذا يعقد المشهد في مساحة الحرية والتغيير المركزي والحزب الشيوعي ويجعل الصراع في مرمى معارضة الحكومة الثورية ويعقد المشهد هناك ويجعل الكل في مرمى نيران صديقة وتدمر الجميع ويستفيد منها الخصوم.
ثانياً الحزب الشيوعي، حزب سياسي نشاطه وبالقانون مدني ليس لديه فرصة لحمل السلاح ولا التحالف مع أي حركة مسلحة. لأن ذلك يخالف القانون ويضعه في مرمى نيران القانون وتحت طائلته وهذا يجعله تحت رحمة ذلك، وخاصةً لو ذهب خُصُومهم إلى حسابهم بلغة القانون وهم يراهنون الآن على الثورية وضعف أجهزة الدولة، وان البلاد في مرحلة انتقال، ولكن هنالك خلط أوراق وهذا يسمم عليهم الجو السياسي، خاصةً وأنّ الفترة الانتقالية هشّة جداً وأيضاً كل يوم يمر تتغير الأحوال والمعادلات حتى الأوزان السياسية تتغير بسرعة ليس في حساب كثير من القوى السياسية المتواجدة في الملعب، بل حتى المواقف تتغير باستمرار حتى الجو السياسي في ابريل ٢٠١٩م ليس كما في مايو ٢٠٢٢م.
وهذا المتغير الزماني والموضعي اذا لم يحسبه الحزب الشيوعي حساباً دقيقاً قد يجد نفسه في مأزق يقود الى أخطاء فادحة، خاصةً وأنه يكرر أخطاءه (مايو نميري وفي اكتوبر الثورة، بل في انتفاضة أبريل، ولا حتى في أبريل٢٠١٩م) فهو ليس لديه فرصٌ في الحصول على موقع جماهيري متقدم في الديمقراطية والانتخابات قديماً ومستقبلاً. وهو لا يستفيد من الفترات الانتقالية التي هي أخصب أرضه السياسية ولذلك بفهم أهلنا العاديين (انه طراد مجمات)، بمعنى أنه ما دنا من الوصول الى نتيجة إلا ذهب يبحث عن موقف جديد وهكذا فتاريخه كله نضال، ولكن ما أن حقق فوزا إلا وانتقل إلى الضفة الأخرى وهكذا.
أعتقد انه يحتاج أن يعيد برامجه وخُططه وأفكاره ليستوعب مرحلة ما بعد 25 اكتوبر لأنه يكثر الحراك ولكن لا يحقق نتائج، كثير البضاعة وقليل الربح ودائما يدخل رقبته في شبكة القانون.
عليه التحرك نحو كاودا اخرج الحزب من المسرح السياسي السلمي وهذا يحتاج الى معالجة من الحزب قبل أن تخلط الأوراق.
ما دار في لقاء كاودا وما قاله الحزب في مؤتمره بعد الحضور من جنوب السودان، ننظر فيه الحلقة الثانية.