الاتحاد (التفريقي)
لا تظنوا – وفي مقدمتكم المصحح والمدقق اللغوي بالصحيفة- أني قد أخطأت في كتابة العنوان أعلاه، فالاتحاد الأفريقي هو حقيقة (تفريقي) هذا الاتحاد الذي لم يفتح الله عليه بقرار تعليق عضوية الجزائر يوم اغتصب الجيش السلطة من عباس مدني الرئيس المنتخب، لكنه علق عضوية السودان الذي انحاز فيه الجيش لثورة الشعب.
* بهذا القرار الذي علق به عضوية السودان وضع الاتحاد الأفريقي نفسه في مَظَنَّة أنه بعيد كل البعد عن واقع تعقيدات الوضع في السودان، أو أنه يريد مزيداً من تعقيد الوضع. وبذا يكون قد اتخذ هذا القرار الانتقائي انسياقاً وراء رغبات القوى العالمية ذات الأجندة غير الأفريقية.
* ونريد أن نسأل هذا الاتحاد المحترم، كم هي الدول الأعضاء فيه التي تُطبّق الحكم المدني، وتأخذ الديمقراطية بحقها حتى إنه لم يبقَ له إلا السودان مخالفاً لأسس الديمقراطية والحكومة المدنية؟!
* كأن هذا الاتحاد لا يعلم أن هناك دولة من أكبر الأعضاء فيه ونالت استقلالها منذ ما يقارب السبعين عاماً غير أنه تعاقب على حكمها أربعة من الحكام العسكر ولم يُفْلِت من السبعين عاماً إلا عام واحد حكمها فيه الرئيس الوحيد الذي جاء بإرادة الشعب ثم انتهى عهده بإبادة الآلاف من طلائع مؤيديه السِّلميِّين بواسطة العسكر ليعود الحكم مرة أخرى إلى العسكر ولم يُعلق هذا الاتحاد الانتقائي عضوية تلك الدولة.
* ليس هذا وحسب، بل إن هذا الاتحاد نفسه أمهل القائد العسكري الذي دبّر الانقلاب على ذلك الرئيس المنتخب وتغاضى عنه حتى علَّق بزته العسكرية على جدار المذبحة الجماعية ولبس البدلة المدنية وهو اليوم يُهيِّئ شعبه ليمكث في الحكم حتى عام 2030م!! على مسمع ومرأى من اتحادنا العظيم.
* وانتقائية هذا الاتحاد ليست متعلقة بالدول، أي أنه لا ينحاز لدولة دون أخرى. كلا.. وإنما ينحاز لتوجه سياسي دون آخر في داخل الدولة الواحدة وفقاً لما تمليه عليه القوى العالمية.
* وربما نسي هذا الاتحاد (التفريقي) أن الذي أسسه على أنقاض المرحومة (منظمة الوحدة الأفريقية) كان رئيساً عسكرياً برتبة عقيد حكم بلاده أربعين عاماً، ولم يُعَلِّق هذا الاتحاد عضوية بلاد ذلك الرئيس بل تعلق الاتحاد به كممول سخي لتأسيس الاتحاد.
* الاتحاد الأفريقي هو الخاسر بتعليقه عضوية دولة أسهمت وتُسهم في استقرار إقليمها. فالسودان تحمل مهمة إحلال السلام في دولة جنوب السودان وفي دولة أفريقيا الوسطى. والسودان مؤهل للعب دور إيجابي في ليبيا. والسودان من أكبر الداعمين بالكادر البشري والمال لقوات الجاهزية لفض النزاعات بشرق ووسط أفريقيا المكونة من القوات المسلحة والشرطة والكادر المدني. فضلاً عن أن السودان يقوم بحماية الأوروبيين من خلال محاربة الهجرة غير الشرعية والإرهاب وتجارة البشر بقفل الحدود والرقابة والمتابعة المكلفة جداً، ولكن كما قال نائب رئيس المجلس العسكري الفريق أول حميدتي: (ما نقوم به كُحْل في عين أعمى) فماذا لو (عَلَّق) السودان كل هذه المجهودات ورفع يده عنها؟!
* وأخيراً: كل عام وأنت بخير يا اتحادنا (التفريقي).