25مايو 2022م
يتعرّض المسافرون من وإلى مدينتي الفاشر والخرطوم لمضايقات، واستفزازات لا حدود لها، ولا قبل لهم بها، مع تنوع صنوفها ومصادرها؛ ويتحمّلها بصبر وجلد، لأنه مغلوب على أمره، ولا نصير له رغم أنه يدفع المبالغ الطائلة لإراحة نفسه، ثم لا يحصد شيئاً. خمس ساعات ونصف الساعة هي مجموع الزمن الضائع من رحلة تفويج البصات السفرية من أم درمان إلى فاشر السلطان، والعكس؛ بأمر من شرطة المرور مع بطء في السرعة، ورداءة الطريق، ليزيد زمن الرحلة إلى (18) ساعة بدلاً من (11) ساعة بالسرعة المعتمدة منها.. وبذلك يكون الإجراء أسهم في زيادة معاناة المسافر، مع زيادة تكاليف سفره، خاصة وأن التعرفة المعتمدة هي الأعلى من بين كل خطوط السفريات من الخرطوم العاصمة القومية إلى بقية مدن البلاد كافة، ولا تتوفر منها وجبة واحدة للراكب رغم طول المسافة.
بيئة غير مهيأة:
وفوق هذا وذاك، فالمسافر معرض للإذلال بسبب المواعيد غير المناسبة للسفريات مما يجبره على المبيت بالمحطة في بيئة غير مهيأة، كما أنه عرضة للسرقات ومضاعفة تكلفة السفر؛ حيث تبدأ إجراءات السفر عند الساعة الثالثة صباحاً، والناس في عز النوم، ومن بين المسافرين نساء وشيوخ وأطفال ومرضى كذلك، لتصل البصات عند الساعة الثانية عشر منتصف الليلة الثانية، والناس نيام كذلك.
وقائع رحلة:
حتى لا يكون حديثي هذا من باب الاتهام بالباطل والتقليل من المجهودات التي تبذلها شرطة المرور لتأمين السفريات، نحكي لكم وقائع رحلتي من أم درمان إلى الفاشر التي بدأت بصبيحة الأربعاء الموافق الحادي عشر من مايو الجاري (2022م)، والتي تحرك البص من السوق الشعبي بأم درمان عند الساعة الرابعة صباحاً ليتوقف أمام مكتب شرطة المرور التي تبعد عن المحطة بنصف كيلومتر فقط، لننتظر هناك (40) دقيقة حتى يسمح لنا بانطلاق الرحلة، وبعد نصف ساعة توقفنا (40) دقيقة أخرى لتتجمع البصات المتجهة إلى الفاشر، والنهود والأبيض، والمجلد وبابنوسة، ليتشكّل الطوف من أكثر من خمسين بصاً، تسير تباعاً، علماً أن الطريق ضيِّق – مسارين فقط – الأمر الذي يجعل مسير بقية المركبات في خطر. وبعد ربع الساعة من استئناف السير توقّفنا عشر دقائق، وبعد نصف ساعة تكرّر ذات التوقف بأمر رجال حركة المرور، ثُمّ تحرّكنا، وبعد خمس دقائق توقّفنا خمس دقائق، وتحرّكنا عند الساعة 7:07 ولم نزل في ولاية الخرطوم.
وقوف مُتكرِّر:
وتوالت الإيقافات لأكثر من (22) مرة بمدد متفاوتة، على النحو التالي: عند الساعة 7:44_7:59 بمنطقة الاندرابة، و8:29_ 8:33، و8:55_ 9:02، و9:39_ 10:10 قضى فيها المسافرون حاجتهم، وتناولوا وجبة الإفطار. ثم توقّفنا عند الساعة 12:25_ 12:28 ظهراً بمدخل مدينة الابيض، و1:44_1:51 بمخرجها، وفي الفترة من 2:24_ 2:52 بالخوي، و4:52 _ 5:03 بمدخل النهود، و5:17_ 5:19 بسوق النهود، و5:32_ 5:45 مساءً بمخرج النهود، والساعة 6:24 _ 6:45 بود بندة، و7:24_ 8:00 بدم جمد، والساعة 8:16_ 8:20 ببروش، و8:56_ 9:00 بأم كدادة، والساعة 9:21_ 9:25 بمخرج أم كدادة، و10:30_ 10:43 بالكومة، وعند الساعة 11:14- 11:17، ووصلنا الميناء البري الفاشر الساعة 11:39 منتصف الليل، لتنتهي الرحلة، وتبدأ الرحلات الأخرى القصيرة منها والطويلة.
مؤامرة أم حظ سيّئ:
ذات المعاناة قد تجدها في رحلات الطيران المتجهة من الخرطوم إلى مدن ولايات دارفور المختلفة، رغم زيادة تذكرة السفر بصورة جنونية، ولا ندري الأسباب الحقيقية وراء هذا التأزم، أهي مؤامرة أم هو سُوء حظ أبناء هذا الإقليم الذي يعيش في حالة حرب لعقدين من الزمان، ولم تزل حروبه العبثية مستمرة.. وما يزيد الأمر عجباً أن المسؤولين من أبناء الإقليم باتوا في مراكز صنع واتّخاذ القرار، ولم يفتح الله لهم تذليل المضايقات التي يتعرّض لها إنسان الإقليم في توفير الخدمات. بل هناك سلطة الإقليم والتي من أس مهامها النظر في مثل هذه القضايا الخدمية الملحة، والتي يجب ألا تترك لقانون السوق وحده (العرض والطلب).
الحل في تغيير المواعيد:
ونشير هنا إلى أنه لا توجد سفريات تبدأ إجراءاتها في منتصف الليل غير السفريات المتجهة إلى غرب البلاد، ثم يكون هناك تأخيرٌ في وصولها، فلماذا لا تغير هذه المواعيد إلى الساعة السادسة صباحاً، لتصل البصات وقت ما شاء لها القدر؟! فلمصلحة مَن تُفوّج هذه الرحلات بالطريقة التي نعيشها؟ ولماذا تحاول شرطة المرور تأخير الرحلات بالطريقة التي ذكرناها؟ فابحثوا معي لمصلحة مَن تُفوّج تلك الرحلات بالكيفية التي ذكرناها؟ فالعملية برمتها خدمة إنسانية قبل أن تكون تجارة، ويجب أن ترفع فيها القيم الأخلاقية.
أعتقد أن الحل يكمن في تعديل مواعيد السفريات إلى الساعة السادسة صباحاً، مع الالتزام بالضوابط التي تسنها الحكومة، وقوانين المرور، وإلى ان يحقق ذلك نقول اتقوا الله في هؤلاء، وأولئك، وسهِّلوا ولا تعثروا، فالبركة في الخدمة الإنسانية.