الخبير الاقتصادي لؤي عبد المنعم لـ (الصيحة) (١ -٢):من يديرون البلاد يتطرَّقون لمعاناة المواطن دون اتخاذ أيِّ قرار
إذا استمر السودان على الوضع الحالي سوف نتدهور أكثر بسرعة الصاروخ
حوار: سارة إبراهيم 24مايو 2022م
يشهد السودان تراجعاً وعدم تطوُّر وترهُّل في الخدمة المدنية وبطئاً في الإجراءات، وتعثراً في الاستثمارات، فضلاً عن التدهور المالي الذي أدى إلى تشوُّهات اقتصادية فاقمت معاناة المواطن السوداني، إضافة إلى الأطماع والتدخل الخارجي الذي يسعي للنيل من ثروات البلاد المتباينة، لذا تعاني المؤسسات الاقتصادية في البلاد من الاختراق الخارجي نوعاً من الاستثمار الجديد، وللأسف فإن البعض من ضعاف النفوس من المكوِّنات السياسية والنخب المختلفة يسعدون في هذا الجرم في إطار تحقيق المصالح الشخصية في ظل انعدام التوافق الوطني والحوار والتسامح والتحلي بالقيم الوطنية من أجل انتشال البلاد من هذا الوضع الاقتصادى والسياسي والاجتماعي الذي أسهمت فيه قوى العمالة والارتزاق. (الصحيفة) جلست إلى الخبير المصرفي د. لؤي عبد المنعم محمد، ليحدِّثنا عن جملة من القضايا أسهمت في تخلف السودان سياسياً واجتماعياً وأثَّرت بدورها على الوضع الاقتصادي الراهن.
**ما هي الأسباب التي أدَّت لتخلف السودان في ظل ما لديه من علم وإمكانيات؟
نعم، هذا السؤال ظل يتكرَّر في المنتديات والوسائل، لماذا يعاني السودان ولم يمض قُدماً؟ ولماذا الإجراءات ظلت متعثرة وتأخذ زمناً طويلاً؟ ما أدى لترهُّل في الخدمة المدنية في ظل وجود الزعزعة والهشاشة الأمنية بجانب عدم وصول الفرقاء السياسيين إلى نقطة مشتركة بالرغم من اتفاقهم في الثوابت، إلا أنهم عندما يتكتلوا في تحالفات يتخذون مواقف عدائية تجاه بعض .
**هذا يقودنا إلى تساؤل لماذا تخلَّف السودان في ظل تطوُّر وتقدُّم الأمم ودول الجوار من حولنا؟
إذا حاولنا حصر أسباب الخلاف الحالي نجد أن هناك فراغاً كبيراً الآن في السلطة في ظل عدم وجود محكمة دستورية، وغياب الدستور -حالياً، وعدم وجود برلمان، إضافة إلى تعطُّل الانتخابات حتى يوليو من عام 2023م، وغير معروف إذا كانت ستقام في مواعيدها أم ستكون هناك زيادة في الفترة الانتقالية .
** ألا توافقني أن هناك عدم اهتمام بمعاش واحتياجات المواطن في ظل الوضع الاقتصادي المتردي؟
__ نعم، هناك عدم مبالاة وعدم اكتراث بالمواطن نتيجة الوضع المالي المتدهور للعملة المحلية، وعدم القدرة بالإيفاء باحتياجاته الأساسية والمغالاة في أسعار السلع والخدمات، الضرائب والجمارك، كلها إنما تدل على وجود مصالح شخصية ضيِّقة وهي المهيمنة على الوضع في ظل انعدام القيمة الوطنية والإنسانية للذين يديرون من خلاله السودان، ونتأسف إلى أنهم يتطرَّقون لمعاناة المواطن دون اتخاذ أيِّ قرار يسهم في خفض تعريفة الكهرباء التي تأخذ كل المرتب، فضلاً عن ارتفاع أسعار الوقود والمعيشة، ولا يمكن لهذا المرتب أن يكفيه أسبوع من غير كهرباء ووقود، كما أنه ليس لديهم أيِّ تصوُّر لأيِّ حلول، فقط أيِّ جهة تسعى للسيطرة على وزارة من الوزارات، أو على منطقة جغرافية تسعى بقدر الإمكان لتعظيم الفوائد التي يمكن أن تجنيها خلال الفترة الانتقالية التي لا يوجد فيها لا رقيب أو حسيب ولا معالم لدولة مؤسسات ولا لدولة القانون .
**هل نستشف من حديثك هذا أن الوضع الحالي لا يمكن أن يدفع بالبلاد قُدماً؟
بالتأكيد إذا ما استمر السودان على الوضع الحالي قد نرجع إلى الخلف بسرعة الصاروخ، واستشهد على ذلك بأننا نلاحظ في كل يوم مؤسسات وبنى تحتية تنهار، تدًّمَّر وتنهب ولا نجد شيئاً يعوِّضها في ظل تكسير الشوارع من خلال مجموعة من الثوار التي تحرص علي حرق وتدمير البنى التحتية حتى يعبِّروا عن صوتهم، وقالوا إنهم مستعدون الاستمرار على هذا الوضع سنتين، وأكدوا بفعلهم هذا أنهم يريدون أن يشيلوا الكيزان وأعتبر ذلك استئصال لنصف المجتمع عن طريق غسل عقولهم وإفهامهم بأنه بإقصاء فئة عن المجتمع يسهم في تقدُّم السودان، وهذا واضح جلياً أن حلول السودان عندهم بالتخلص من فكر إسلامي، حيث أن الهدف من الثورة لم يكن إقصاء دكتاتور يريد أن يحكم مدى الحياة وإنما هو القضاء على فكر إسلامي ليحكموا بفكر علماني أو يساري لا يمت بتوجه المواطن السوداني بصلة بعيداً كل البعد عن قِيَمه، أخلاقه، عاداته، تقاليده، أعرافه وثقافته الموروثة.