آخرها آمال الزين.. عودة الاعتقالات!!
الخرطوم: آثار كامل. 23 مايو 2022م
يتحدّث قانونيون ونشطاء وسياسيون، عن عودة جديدة “للقبضة الأمنية” بعد أن تراجعت خلال ثورة ديسمبر المجيدة لصالح المقاربة السياسية والانفتاح الرسمي على القوى والكيانات السياسية المُختلفة، ورغم وجود مؤشرات تشي بعودة المنظور الأمني إلى سيادة الموقف من جديد، إلا أنّ السُّلطات تقول إنها تعمل وفق القانون واحترام الحقوق والحريات.
لقد كان أيِّ تحرك القوى السياسية قبل ثورة ديسمبر المجيدة مُرتبطاً بأخذ الإذن من السلطات الأمنية، حيث كانت الأجهزة الأمنية في فترة النظام البائد طالما تُنفِّذ اعتقالات لمنتسبي الأحزاب السياسية من مطار الخرطوم وتقتادهم إلى جهات بعضها معلوم وبعضها غير معلوم، كما درجت سلطات مطار الخرطوم الدولي على منع القيادات السياسية من مغادرة البلاد.
وكانت الأجهزة الأمنية، قد اعتقلت الأيام الماضية، قيادات من الحزب الشيوعي وهما السكرتير العام للحزب الشيوعي ورئيس هيئة محامي دارفور عضو اللجنة المركزية عقب عودتهما من جوبا واقتيادهما لجهة مجهولة قبل أن تفرج عليهما. فيما تم أمس الأحد اعتقال القيادية بالحزب الشيوعي آمال الزين بعد مؤتمر صحفي للحزب، هل ما يتم الآن من اعتقالات مبني على أسس قانونية وأسباب منطقية؟
يرى خبراء قانونيون في حديثهم لـ(الصيحة) بأن حالة الطوارئ التي أعلنها البرهان تعطل كل الحقوق وتبقى الحريات محدودة، بجانب عدم تعديل قانون الطوارئ منذ سقوط النظام السابق، ولفت الخبراء بأن كل الهياكل التي تم إلغاؤها تمّت بموجب أمر الطوارئ لحين توصُّل الأطراف السياسية إلى حل للأزمة.
تأزم العلاقة
يرى مراقبون أن عودة القبضة الأمنية بهذا الشكل هو تعبيرٌ إضافيٌّ جديدٌ على تأزُّم العلاقة بين الدولة والقوى السياسية، وإن الصلاحيات التي مُنحت للأجهزة الأمنية عقب إجراءات (25) أكتوبر، جعلت الأجهزة الأمنية تتحلّل من القيود التي كانت مفروضة عليها عقب نجاح الثورة، وتتعامل بشكل أكثر صرامةً.
ليست جريمة
قال المحامي والناشط الحقوقي منتصر عبد الله في حديثه لـ(الصيحة)، إن جهاز الأمن لا يتعدّى الصلاحيات إلا بموجب تعديل تشريعي، ونوه بأن التعديل الأخير كان بموافقة رئيس الوزراء الأسبق عبد الله حمدوك وفق الوثيقة الدستورية وحذف بعض المواد، مضيفاً بأنه ليست هناك صلاحيات تمنح الجهاز حق الضبط والإحضار والتوقيف، بل اقتصر على جمع المعلومات، مضيفاً بأن عبد الواحد والحلو، هناك مشاورات بإلحاقهما ليكونا جزءاً من العملية السياسية والتواصل معهما لم يشكل جريمة، وليست هنالك حالة حرب، مضيفاً بأنه لا يمكن أن يتم توقيف والقبض على أي قوى سياسية مدنية تتواصل معهما، منبهاً بأن التحركات التي تمت من قبل سلطات الأمن بجنوب السودان تخصّها وما حدث في السودان يعتبر تضييقاً للعمل السياسي ونحن في مرحلة انتقالية، وقال منتصر إن اعتقال آمال الزين سلوك خطر ولا بد للقوى السياسية أن تُكثِّف الحراك لإيصال المبادئ عبر الندوات والمناقشات، وأشار إلى أن القوى السياسية لا بد أن تتحرّك بحرية كاملة، ونحن مقبلون على مرحلة انتخابات، وفي حالة القبض على أي مسؤول لا بد من معرفة السبب وهل يوجد مسبب قانوني ومعرفة الفعل الذي يُشكِّل جرماً.
القانون الأعلى
المحامي المختص في القانون الدولي والإنساني والجنائي أبو بكر عبد الرازق قال لـ(الصيحة)، إن القانون الأعلى الذي يحكم الآن هو قانون الطوارئ الذي يسمو على كل القوانين القائمة، منوهاً بأن الاعتقالات التي تمت في النظام السابق كانت بناءً على قانون الإجراءات الجنائية سواء أكانت حقاً أو باطلاً أو فعلاً جنائياً، أما الآن تتم بناءً على قانون الطوارئ بإجراءات تحفظية تشبه قانون جهاز الأمن قبل تعديله، مشيراً إلى أنه في نفس الوقت تأتي في إطار تأمين الثورة التصحيحية، وأضاف عبد الرازق بأن الحريات قد تنفتح لاحقاً أو لا تنفتح، ولكن الأرجح أن تجلس كل الأطراف لعمل تسوية سياسية لعودة الحريات والممارسة السياسية في مناخ مُهيأ.
سند قانوني
قال المُختص في القانون الدولي الإنساني والجنائي الأستاذ نصر الدين طه في حديثه لـ(الصيحة)، إن كل الاعتقالات التي تتم لا تقوم على سند قانوني، حتى الاعتقالات التي تمّت لقيادات قوى الحرية والتغيير سابقاً، ولفت طه الى ان القوات النظامية لا تملك الحق في اعتقال مدنيين، بل جهاز الأمن نفسه لا يملك الحق، منوهاً بأن كل الاعتقالات التي تمت مُخالفة للقوانين، وأشار إلى عدم وجود جهات قانونية يمكن أن يتم اتخاذ إجراءات بها وليست هناك نيابة خاصة بالطوارئ بعد أن فرض البرهان قانون الطوارئ بالبلاد، مُشيراً إلى أن ما يحدث الآن ارتدادٌ لما كان يُمارس في عهد النظام البائد.