21مايو 2022م
مقولة مشهورة للإمام محمد عبده عندما شارك في مؤتمر باريس عام ١٨٨١ قال: «ذهبت للغرب فوجدت إسلامًا ولم أجد مسلمين، ولما عدت للشرق وجدت مسلمين ولكنني لم أجد إسلامًا». هذه المقولة المشهورة والمتداولة بكثرة في مجتمعاتنا تعني أن الإمام وجد في هؤلاء القوم حُسن الخلق في الاعمال والامانة في التعامل. بالمقابل، في بلاد الإسلام هناك تفريطٌ في تعاليم الإسلام السمحة التي تدعو لحفظ حقوق الإنسان والاهتمام به وبمشاكله الحياتية، صحيحٌ أن مقولة الإمام فيها اعتداء وهو أننا نشكك في إسلام المسلمين لبعض عيب في أخلاقهم أو أفعالهم، في الواقع المعاش ان كثيرا من تعاليم وآداب الإسلام موجودة عند أهل الغرب أكثر بكثير من الذين يدينون بالإسلام.
اهل الغرب اتصفوا بصفات الصدق والأمانة والنظافة والنظام وإتقان العمل واحترام الوقت وعدم المبالغة في ردود الفعل وعدم الإسراف فيما لا نفع فيه وعدم الخوض في تفاصيل حياة الناس والقيل والقال والغيبة والنميمة، في الوقت الذي تخلى كثير من المسلمين عن هذه الصفات والآداب وتمرّدوا على قيم وتكاليف الإسلام.
دعونا نقف على قصة الاسرة اليمنية المهاجرة إلى ألمانيا عام 2015، تحكي القصة، إن الحكومة الألمانية استضافت الاسرة وقامت بدفع إيجار البيت والكهرباء والماء لفترة سنة كاملة وفقاً للقانون، بعدها يجب أن يتكفّل رب الأسرة بدفع الفواتير، في أحد الأشهر تأخّر رب الأسرة عن دفع فاتورة الكهرباء البالغة حوالي 200 يورو، فقامت الشركة بقطع الكهرباء عن البيت، يقول رب الأسرة: أخذت الأمور ببساطة لأننا متعودون في اليمن على أن الكهرباء فاكهة وليست ضرورة!؟ رحت اشتريت شموع للبيت وجلسنا أنا وأطفالي أحكي لهم قصص مأساتنا في بلدنا الأم، لاحظ الجيران أن البيت الذي نسكن فيه مُظلمٌ رغم سماعهم لأصوات الساكنين، بعد ساعات تجمّع جيراني الألمان وسألوني لماذا لا توجد عندكم كهرباء؟
فقلت لهم: الأسبوع القادم سأستلم الراتب من العمل وأدفع الفاتورة.
قالوا: وهل تبقى هذا الأسبوع مع أطفالك بدون كهرباء؟
أجبت: نعم وأين المشكلة أهلي في بلدي الأم يعيشون الآن بلا كهرباء (مسألة جداً طبيعية).
فذهب جيراني واشتروا مولدا صغيرا لنا، ثم اتصلوا بقنوات فضائية جاءت لمقابلتي وأصبحت قضية رأي عام (عائلة بدون كهرباء).
شركة الكهرباء اعتذرت وأعطتنا سنة كاملة كهرباء مجّاناً مع هدية 1000
يورو، لأنّني أخبرتهم أن اللحم والدجاج بالثلاجة قد فسد ورميته بالزبالة بسبب عدم وجود الكهرباء، ثم أعطوني بطاقة للتسوق قيمتها 1500 يورو، يعني شركة الكهرباء فعلت هذا وكأنما يقولون لي (بس أكفينا شرك لأننا انفضحنا أمام الشعب الألماني، وسمعة الشركة أصبحت سيئة نتيجة لقطعنا الكهرباء عنك).
الدرس المُستفاد من هذه القصة تؤكد بجلاء أن الإمام محمد عبده يعني في مقولته ان الغرب يُقيِّم الإنسان، وإن كافة إمكانات الدولة تُسخّر من أجل إسعاده ورفاهيته، بيد أن شعوبنا تلاقي ويلات المسغبة والجوع والفقر وانقطاعاً في خدمات الكهرباء والمياه لاسابيع، بل وشهور ومع ذلك يهتف السُّذج بحياة الحاكم.!!
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل،،،