الخرطوم: الطيب محمد خير. 16مايو 2022م
فشلت الآلية الثلاثية المشتركة (الأمم المتحدة، الاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيقاد)، في حمل الأطراف السودانية عبر مبادرتها للجلوس إلى طاولة الاجتماع التحضيري الذي دعت له في العاشر من مايو، لبدء تسوية لحل الأزمة السياسية الخانقة التي يعيشها السودان منذ سبعة أشهر، وألقت بظلالها على الجوانب الأمنية والاقتصادية وزادت معاناة المواطنين في معاشهم، قالت الأطراف الرافضة: إن عدم مشاركتها بسبب مشاركة الأحزاب التي كانت شريكة لنظام المؤتمر الوطني في الملتقى التحضيري المزمع قيامه.
وكان المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير رغم دعمه لمبادرة البعثة الأممية رهن مشاركته في الاجتماع التحضيري، بتحديد الأطراف المشاركة في الحوار وتوصيف المدخل الصحيح للأزمة واستعادة المسار المدني، فيما ظلت قوى الشارع التي تقودها لجان المقاومة متمترسة، في موقفها الرافض تماماً لأي تفاوض أو شراكة مع العسكريين، فيما أعلن الحزب الشيوعي عدم مشاركته في اجتماعات الآلية الثلاثية، اعتبر مبادرة الآلية عملية إعادة إنتاج الأزمة في البلاد بالبحث عن وضع دستوري جديد يشبه إلى حد ما، الشراكة السابقة وقال إنه سيعمل ضدها.
بعد ظهور الخلاف الكبير والجوهري حول من الذي يحق له أن يشارك في الاجتماع الذي دعت له الآلية الثلاثية، أبدى الاتحاد الأوربي قلقله من فشل قيام الاجتماع التحضيري في موعده واتهم في بيان له بعض من أسماهم بأصحاب المصلحة بافتقارهم للإرادة السياسية للمشاركة حاثاً أصحاب المصلحة على المشاركة في الحوار بهدف المضي قدماً نحو تسوية سياسية محذِّراً من التاخير في الوصول لاتفاق على إطار انتقالي شامل بقيادة مدنية سيؤدي إلى تفاقم تدهور الاقتصاد ويزيد ما وصفه بالتحديات الهائلة التي تواجه المواطن.
لكن السؤال بعد مرور سبعة أشهر، ظلت خلالها البلاد في حالة فراغ دستوري وبلا حكومة بسبب الكثير من العقبات والانقسامات الحادة بين القوى السياسية التي أحدثت مشهداً سياسياً مضطرباً واستمرار غياب أيِّ بوادر إيجابية للحل في مقابل المشهد السياسي المتأزم وفشل جميع الوساطات والمبادرات المحلية والخارجية لحل الأزمة السياسية ولا أحد يحبِّذ قيام الانتخابات ولا أحد يسأل عنها وظل الحديث عنها مؤجلاً، فيما يراقب المواطنون هذه التجاذبات بعين الشك والريبة، ويرسلون الاتهامات باتجاه القوى السياسية من واقع الوضع المعيشي المتردي الذي يعيشونه بأن الصراع يدور حول المصالح الشخصية والحزبية، فهل سيلجأ المكوِّن العسكري وحلفاؤه من القوى المدنية لتشكيل حكومة توافقية دون مشاركة الطرف الآخر في الأزمة السياسية المتمترس خلف مطالبه على حساب الأمن والخدمات والتعمير.
قال المحلل السياسي د. عبد الرحمن أبوخريس، لـ(الصيحة) بإمكانية أن يلجأ المكوِّن العسكري أو الجيش لإعلان حكومة مستقلة غير حزبية، مشترطاً أن يرفع رئيس البعثة الأممية في السودان فولكر، تقريراً للأمم المتحدة ويعترف فيه بأنه فشل في عملية خلق كيان توافقي واحد في السودان، وهذا سيعطي الجيش أو المكوِّن العسكري سنداً قوياً ودفعة لتشكيل حكومة مدنية مستقلة مثل تلك التي كوَّنها المجلس العسكري برئاسة المشير سوار الذهب عقب انتفاضة أبريل عام ( 85)، ويحدد تاريخ أو موعد نهائي متفق عليه مع القوى السياسية لقيام انتخابات تنهي حالة السيولة الأمنية والسياسية التي يعيشها السودان بجانب ذلك سيجعل الأحزاب المتصارعة تتجه لتهيئة نفسها لخوض المنافسة الانتخابية. وأضاف د.أبو خريس: في هذه الحالة يكون المجتمع الدولي ملزم بأن يكون داعماً للحكومة المدنية المكوَّنة من الشخصيات التي سيشكلها البرهان.
وقطع د. أبو خريس: دون اعتراف فولكر، بفشله يكون من الصعب أن يجد البرهان فرصة لتشكيل حكومة تنهي هذا الوضع، لأن هناك إشكالية أو عقبة تكمن في إصرار القوى السياسية على أن تكون للحكومة حاضنة سياسية، وهذا يعني أن يكون للحكومة برلمان وتمارس مهام الحكومة التنفيذية المستقلة، وأضاف: في هذه المرحلة غير مرغوب في وجود تكتل سياسي لخلق حاضنة سياسية جديدة، وعلى القوات المسلحة بصفتها القومية أن تنفرد مع شخصيات تكنوقراط غير حزبية بإدارة ماتبقى من المرحلة الانتقالية، وقال: في هذه الحالة على البرهان أن يطلب من الأمم المتحدة ممثلة في بعثتها إعلان فشلها في توحيد القوى السياسية السودانية والمساهمة في إنجاح الفترة الانتقالية وتفويض القوات المسلحة بتكوين حكومة مسنودة من المجتمع الدولي والإقليمي.