محمد عثمان الرضي يكتب : اتّفاقيات السلام لم تحقق أهدافها على أرض الواقع
13 مايو 2022م
عدد اتّفاقيات السّلام الموقعة ما بين الحكومات والحركات المسلحة تجاوزت الـ40 اتفاقية بالتمام والكمال.
تأثير هذه الاتّفاقيات على معاش الناس والحياة اليوميّة يكاد يكون منعدماً تماماً، وفي الوضع الطبيعي من المُفترض أن ينعم المواطن بالأمن والاستقرار.
اتّفاقيات السلام عبارة عن صفقات مشتركة ما بين الموقعين عليها، الهدف منها فقط تحقيق مكاسب شخصية، وذلك من خلال الحصول على أكبر قدرٍ ممكنٍ من الحقائب الوزارية ومختلف المصالح في شتى المجالات.
أثبتت التجارب العمليّة على أرض الواقع انعدام الثقة ما بين الأطراف الموقعة على غالبية هذه الاتفاقيات، مما نتجت عن ذلك تشوهات كبيرة على تنفيذ بنود الاتفاقيات على الأرض.
تبادل الاتهامات في وسائل الإعلام ما بين الأطراف الموقعة بعدم الجدية على إنزال بنود الاتفاقيات على أرض الواقع احد المهددات الخطيرة التي تسبّبت في انهيارها.
من أعقد وأخطر ملفات التفاوض ما بين الطرفين يتمثل في ملف الترتيبات الأمنية والذي يعنى بدمج الجيوش وتسريح المُحاربين ودمجهم في المجتمع، وللأسف الشديد ظل هذا الملف بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير.
إشعال الحرب أمرٌ في غاية السهولة وفي متناول اليد، ولكن الصعب جداً إيقاف نزيفها والسيطرة عليها ومعالجة آثارها السلبية المدمرة على كل مناحي الحياة.
من ينتصر لذاته ولرغباته الانتقامية من الاستحالة بمكان أن يكون قائدا محبوبا في وسط جنوده، ويُحظى بالرضاء والقبول، ومن يفكر تحت أقدامه غير مؤهل بتقدُّم الصفوف.
انعدام الإرادة السياسيّة في تحقيق السلام لا يأتي بسلام حقيقي يعالج جذور الأزمة ويضع حلولاً موضوعية يمكن أن تُساعد للخروج بالبلاد إلى بر الأمان.
تقديم المصالح الوطنية العليا للبلاد هدفٌ استراتيجيٌّ من المفترض أن نعمل حكاماً ومحكومين به ونتقيّد ونحرص عليه.
السودان أغنى دولة في العالم من حيث الموارد الاقتصادية المتعددة خارج وباطن الأرض، ويمكن أن نحقق كل أهدافنا في زمن وجيز بشرط أن نضع أيدينا فوق بعضنا البعض، وذلك من خلال الاعتراف والاحترام المتبادل لبعضنا البعض.
الحرب والاقتتال أرهق كاهلنا واستنزف مواردنا ودمر ثرواتنا وشرد مواطنينا في الملاجئ والمعسكرات وشوه صورة بلادنا خارجياً وأظهرنا بمظهر رجل أفريقيا المريض الذي أنهك المرض جسده وفتك بمفاصله.
من العار والخذلان أن نرى بلادنا تتآكل من أطرافها وتحترق أمام أعيننا ولا نُحرِّك ساكناً وكأنّما يعجبنا الحال.