11 مايو 2022م
قلنا في مقالات كثيرة سابقة، إن الحرب بين روسيا وأوكرانيا ستعيد تشكيل التحالفات في العالم، وإن الغرب الأوروبي والولايات المتحدة أكثر الخاسرين، وإن أمريكا الجنوبية وأفريقيا وآسيا وكل الدول العربية لن تكون كما كانت عليه سابقاً، وإن سيطرة الغرب الأوروبي والولايات المتحدة على العالم لن يكون لهما الأثر الكبير في مستقبل العالم، وإن سيطرة الدولار الى زوالٍ واليوان الصيني والروبل الروسي وعملات أخرى في طريقها للصعود واحتلال الصدارة، ولن تقوم قائمة لورقة الدولار التي هي في الأصل تساوي ثلاثة سنتات، وإن قضية الحريات والديمقراطية التي يفرضها النظام الغربي على الشعوب كثقافة مستوردة، لن يكون لها سوق في كل الدول، والشعوب سوف ترجع الى ثقافاتها وتتمسّك بقيمها، وإن سيطرة النظام الرأسمالي لم يعد لها أثر، وإن واقعاً عالمياً جديداً في طريقه الى البروز والظهور والتشكل بما في ذلك المنظمات الدولية، وإن الحرب بين روسيا وأوكرانيا سوف تقضي على السطوة الغربية نهائياً.
إذن في ظل هذه الأوضاع يجب على السودان أن يحدد خياراته ويخرج من الاستعباد الغربي الذي مص دم شعوب العالم الثالث، وزرع فيها الفتن، واستغل كثيرا من النخب عملاء له ليُسيطر على القرار الوطني في أغلب دول العالم الثالث، ولكن واضحٌ أن هذه الدول المستضعفة قد هبّت وصحت من النوم العميق وفاقت من البنج الذي أصابتها به الحضارة الغربية الزائفة، ويلاحظ أن أغلب الدول الأفريقية التي كانت تُسيطر عليها فرنسا خرجت من طوعها، بقي لها تشاد ودول قليلة وقريباً ستخرج من الطوع الفرنسي.
أما الولايات المتحدة، فإنها الآن تمر بأسوأ حالاتها، ومتوقعٌ حرب أهلية داخل الولايات المتحدة، وانهيار كامل لإمبراطورية الدولار، بل متوقعٌ خلاف حاد بين الدول الأوروبية والولايات. ومتوقعٌ أن تقرر بعض الدول التعامل مع روسيا مُباشرةً في مجال الغاز والروبل.
إذن في ظل هذه الظروف التي يعتبر السودان فيها دولة أساسية ومحورية بمواردها وموقعها وشعبها الواعي، بل لعلاقاتها في أفريقيا والعالم العربي.
عليه، مطلوبٌ من السودان أن يتّجه نحو الصين وروسيا والهند والمحور الشرقي، وأن يُطوِّر علاقاته مع هذه الدول ويمنحها استثمارات ضخمة في زراعة الأرض، وفي المعادن كلها، وفي النفط، وفي الصناعة حتى التجارة والموانئ وفي كل أوجه الحياة.
العالم الآن محتاج جداً لدولة مثل السودان، ولذلك خروجه من قبضة واستعباد الغرب الأوروبي ضرورة، خاصةً وأن الديمقراطية والرأسمالية وحقوق الإنسان صارت سلعاً فاسدة كاسدة لا سوق لها، لأنه أصلاً وسائل الغرب للسيطرة على الشعوب، وهي ثقافات غربية يسيطر بها الغرب الأوروبي وأمريكا على الشعوب.
عليه، الإخوة البرهان وحميدتي وكل قيادة السودان، اتجهوا الى الشرق الصين وروسيا والهند. فهؤلاء لا يفرضون عليكم ثقافة ومشروعاً معيناً، والصين لها الفضل في استخراج البترول في السودان بعد أن انسحبت الولايات المتحدة عبر شيفرون وغيرها.
لذلك، على قيادة السودان زيارة الصين وعمل اتفاق استراتيجي معها، وليستفيد السودان من الصين وروسيا ويخرج من الاستعمار الغربي، الذي لم تجد منه الشعوب إلا الدمار وسرقة ثروات العالم!!
إذن موقع السودان الطبيعي الآن في الاتفاق مع الصين وروسيا في مشاريع ضخمة ذات عوائد كبيرة، السودان به 200 مليون فدان صالحة للزراعة، مستغل منها فقط 45 مليون فدان وبطريقة تقليدية.
الجزيرة ونهر النيل والشمالية تكفي الدنيا من القمح إن زرعت.
ثروة حيوانية ومعدنية وموارد مختلفة بالهبل، ونظل في مجاعات وفقر وسوط وسيف عقوبات الغرب على رؤوسنا!!
أيها السادة هذه فرصة وسانحة مُناسبة، لنأخذ القرار الصاح في الوقت الصاح، وننظر في مصالح وطننا وشعبنا هو ما يهمنا.
أيها السادة، السنوات العشر القادمة سيجتاح العالم تغييرٌ كبيرٌ، دول الآن في الرف ستكون عظمى، ودول عظمى الى الهاوية.. إنها تراتيب ربانية.
الأخ البرهان وحميدتي وكل القيادة، الآن سجلوا موقفاً يسجله لكم التاريخ، اخذوا القرار الصاح في العلاقات الخارجية ينعم شعبكم، وتنهض وتتطور بلادكم، اخرجوا من فولكر وغربه الى سوح العالم ستجدوا اصدقاء اوفياء لا يتدخلون في شؤون الدول الداخلية، ويتعاملون معكم بندية واحترام، وتتحقق منافع ومكاسب لكل الأطراف.
أيها السادة، السودان بلدٌ عملاقٌ لا تقزموه بالمشروع الغربي، ولا تُخيفكم هجمة عملاء الاستعمار، فإن هذه كلها تدابير قصيرة ومؤقتة، وكل الدول التي صارت عظمى مرت بها خرجت من طوق الاستعمار والاستعباد وملكت قرارها الوطني، واعتمدت على شعبها وبعض اصدقائها في العالم خارج وصاية دول الاستكبار العالمي.
توكّلوا على الله وهو القائل: (وفي السماء رزقكم وما توعدون).