صلاح الدين عووضة يكتب : المبروكة!!
11 مايو 2022م
اسمه سليم..
وهو من الأعراب الذين يقطنون خارج حدود البلدة؛ جهة الصحراء..
ولكن شيخ البلدة ما كان يناديه باسمه هذا أبداً..
بل كان يطلق عليه لقب المبروك من باب السخرية؛ إذ كان يراه منحوساً..
ثم ينداح نحسه هذا نحو الآخرين..
وربما يشمل حتى الأشياء؛ كما حدث لبص حسين صديق شيخ البلد هذا..
فما أن اشتراه حتى كتب على ظهره (المبروكة)..
وفي نيّته أن يكون بصاً مبروكاً؛ وهو يتنقّل بين قرى – وبلدات – المنطقة..
ولكن الشيخ قال له إن بصه هذا سيكون منحوساً..
لا لشيءٍ إلا لأن اسمه طابق اسم المبروك… المنحوس؛ فضحك حسين..
ثم لم يُر بعد ذلك يضحك زمناً طويلاً..
فما أن يتحرك البص قليلاً حتى (يبرك)؛ وصار له من اسمه نصيب (المبروك)..
وذات جمعة عاتب إمام المسجد شيخ البلدة هذا..
عاتبه تلميحاً أثناء الخطبة؛ ثم تصريحاً من بعدها… قال له إن هذا لا يصح..
ولكن الشيخ أصر على موقفه… ورأيه… وتسميته..
وبعد نحو شهر كان حفل زواج ابنة إمام المسجد هذا؛ فحذّره شيخ البلدة..
قال له إياك أن تسمح للمبروك بالحضور..
واكتفى الإمام بضحكة ساخرة؛ وحضر المبروك (مقلوزاً) طاقيته الحمراء..
فصاح فيه الشيخ ما أن رآه (أها جيت يا المبروك؟)..
فكانت ليلةً حمراء في لون طاقيته الجديدة؛ بدأت بعاصفة ترابية حمراء..
وانتهت ببقع دماء حمراء تناثرت في المكان..
وأقسم كثير من الناس بأن إمام المسجد بات يشاطر الشيخ رأيه في المبروك..
ثم كانت ليلة زواجه هو نفسه..
زواج المبروك… فقال الشيخ (ربنا يستر)… واستمر الحفل بهيجاً لساعات..
بل حتى لساعات الفجر الأولى..
وحين كانت المغنية تترنّم بأغنية الختام انطلقت صرخةٌ أنثوية داوية..
وانطلق الناس يبحثون عن مصدرها..
فإذا بها العروس نفسها وقد لدغتها عقرب؛ ولم تر شمس ذاك الفجر..
والآن دعونا نؤنث لقب المبروك هذا..
ثم نطلقه على امرأتين ظهرتا في سماء الإنقاذ فانفطرت… وانتثرت كواكبها..
فالإنقاذ هذه لم تعش من بعدهما إلا قليلاً..
من بعد أن تقربتا إليها بـ(البركة)… فقالت لهما (مبروك)… فأضحتا (المبروكتين)..
ثم تقرّبت إحداهما من رمزٍ إنقاذي كبير..
بمعنى أنها مضت أكثر في طريق القربى – والتقرب – فقيل لها (مبروك)..
وتمنوا لهما بيت مال… وعيال..
فخر عليهما السقف من فوقهما سريعاً؛ سقف بيتهما… وسقف بيت الإنقاذ..
ونسي الناس المبروكتين هاتين..
نسوهما طيلة ما مضى من سنوات ثورة ديسمبر…. بعد سقوط الإنقاذ..
ولكنهما ظهرتا هذه الأيام..
ظهرتا في سماء الثورة هذه بفضل حراكٍ للم الشمل السياسي لم يسثن أحداً..
لم يستثن سوى نظام الإنقاذ..
ونسي أهل هذا الحِراك أنه يصعب التمييز بين الإنقاذ ومبروكتيها هاتين..
سيما التي زاوجت بين فكر الإنقاذ وفكر حزبها الوليد..
حزبها هذا الذي لا يُمكن أن يملأ أنصاره بص حسين (البارك) على الدوام..
وعلى ظهره مكتوبٌ بالخط العريض (المبروكة)..
ثم تزوّجت الإنقاذ هذه نفسها عبر أحد قادتها فأمستا (روحاً واحدة في جسدين)..
ومنذ لحظة ظهورها في سمائنا وأنا أنظر إلى السماء..
وأردد مع شيخ البلدة ذاك مغمغماً – رغم عدم إيماني بالتطير – (أها جيتِ؟)..
يا المبروكة؟!.