شاكر رابح يكتب : توازن الضعف 1-2
8 مايو 2022م
إذا كان توازن القوة منتجاً للاستقرار السياسي والتوافق بين المكون العسكري وقِوى إعلان الحرية والتغيير المجلس المركزي، فإن توازن الضعف عادةً لا ينتج أي استقرار، وإنما يؤدي إلى مزيد من التشظي والتشرذم، والى استمرار حالة الصراع وفقدان الثقة، والاستمرار بهذه الوضعية (عدم وجود جهاز تنفيذي) يُمكن أن يُرجِّح كفة المكون العسكري وتُتيح له فرض رؤيته وفرض سياسات مُجحفة في حق الطرف المدني والذي هو أكثر ضعفاً في المعادلة السياسية.
الحوار الذي حدّدت له الآلية الثلاثية الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وإيقاد الأسبوع الأول من هذا الشهر موعد انطلاق الحوار بين الأحزاب السياسية والمكونات المجتمعية، والذي قبله الطرف المدني على مضض لم يتردد في نقده والتنصل عنه متى ما تجاوز حالة الضعف، وهذا يعني أن المكون المدني الذي اعتمد على موازين القوة أيام الثورة الأولى والذي بدوره أدى الى الفشل في كافة المجالات، وان التغيير في الموازين هو الذي أوصل الجميع الى طريق مسدود، ولعل الطرفين مدركان لما وصل إليه “ضعف” كل منها، وأنا كطالب قانون لم أعد أعير مبادرة المبعوث الدولي فولكر أي أهمية، فالرجل هان موقعه وتجاوز تفويضه وأصبح منحازاً للطرف المدني ولم تجمع عليه الأطراف والمكونات السياسية السودانية، لم يكن مفاجئاً إعلان الآلية بداية الحوار بين مكونات الحكم الانتقالي، بينما هو وحده يقرر بداية الحوار!
لقد عرف “فولكر” مبكراً أن الطرفين المدني والعسكري تناطحا وتنافسا طيلة الثلاثة الأعوام الماضية حتى تمكن منهم الضعف والإنهاك، ومع ذلك يستمران في الفجور في الخصومة التي تعتمد على معيار جديد وهو معيار العصر، ألا وهو “توازن الضعف”، فإن فولكر يبدو للجميع أنه أقل كفاءةً وفعاليةً وجديةً في الطرح والإقناع، ولم يعد خافياً حقيقة أن المبعوث الأممي منحازٌ وغير قادر على جمع أهل السودان على طاولة واحدة.
قد شهد السودان عقب ثورة ديسمبر المجيدة تحوُّلات وتطوُّرات على صعيد التوازن السياسي، وقد شكّل انفراد أحزاب بعينها بالسلطة إعاقة لعملية التحول الديمقراطي، ومع اقتراب الحوار الذي اقترحته الآلية الثلاثية نحن في حاجة ماسّة لإعادة النظر في التعاطي السياسي للقوى السياسية والمؤسسة العسكرية، حيث إن العلاقة بينهما لا يسودها الود، بل أصبح الطابع العام قائماً على الخلاف والصراع، آخذين في الاعتبار أنّ الحوار الشامل هو المخرج للمشكل السوداني، وثمة فرصة سانحة لتشكيل نموذج سوداني إذا ما استبعدنا التدخل الأجنبي السافر في الشأن الداخلي، سيكون بمقدور الجميع العبور إلى حيث الاستقرار والرفاهية.
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل،،،