في إحدى حلقات برنامج نجوم الغد الذي اختفى بعد أن ازدحمت الساحة الفنية بخريجي ذلك البرنامج (دون جديد) ربما تبدو الملاحظة التي سوف أسردها بعيدة عن السياسة ولكنها في قلبها عند إسقاط الأمر عليها في هذه الأيام الفوضوية التعيسة.
شاهدت قبل سنوات عديدة حلقة على قناة النيل الازرق من برنامج (نجوم الغد) قبل سنوات فتغنى أحد المتسابقين بأغنية وصبت عليه لجنة التحكيم وابلاً من الانتقادات كلها تصب في أن الأغنية (أغنية بنات) وقد كانت الأغنية (الليلة من وين لي وين يا عيني) رغم جمال الصوت والأداء وكان سقوطه فقط لأنها (اغنية بنات).
ثم جاء دور متسابقة أخرى وكانت تغني وهي تحمل (رق) وطريقة الأداء رغم جمالها إلا أنها كانت تحمل طابع (رجالي) 100% حسب الذاكرة البصرية والسمعية لنا إذ ارتبط الرق عندنا بـ(الرجل) وكان ذلك خروجاً عن المألوف حيث كان حتى اختيارها للأغاني مرتبطاً بما يُعرف باغنية الحماسة والأداء القوي…
توقعت للمتسابقة انتقاداً حاداً بذات (المعيار) الذي استخدمه (الحُكام) لكني استعجبت غاية العجب لدرجة (الاستغراش) مثلما يقول (ساخر سبيل) في رأي لجنة التحكيم التي أشادت إشادة كبيرة بطريقة الأداء وجمال الصوت والطريقة الجديدة في الأداء (والرق في يد آنسة).
حينها تأملت في أحوالنا وكيف نكيل بأكثر من مكيال نفس اللجنة التي حكمت قبل دقائق على متسابق بأنه أخفق في اختياره لأن الأغنية للبنات ثم تأتي بنت في كامل الأنوثة وتحمل (رق) وتغني بطريقة رجولية وتجد الإشادة والتقدير.
وأنا أفكر في هذا الأمر (الكيل بأكثر من مكيال) (لأمرٍ واحد) إذا بعضو لجنة التحكيم الثالث يخالف العضوين الآخرين (وإن كان بحياء) إلا أنه بقي على رأيه الأول أن الأداء وطريقته و(الرق) لا تتناسب مع الأنوثة.
حينها تأكد لي أنه مهما استبدت (لجان التحكيم) أو ما يشابهها في أي مجال وكالت ما كالت وأعطت ما أعطت وأخذت ما أخذت فإن الشمس ستشرق وإن (طال الليل وطُفف الكيل).
المتابع لما يحدث في بلادنا الآن سيدرك تماماً أننا نفتقد لمعايير المعايرة والتقييم السليم في كل حياتنا العامة والخاصة..
تلك المتسابقة الآن (فنانة كبيرة) يشار لها بالبنان (جدعت الرق) الذي شد انتباه (الحُكام) وجعلهم يغيرون المكيال ثم أوصلها إلى ما هي عليه الآن تعمل على استنفار أنوثتها بما استطاعت…
وحقيقة موضوعي ليست تلك الفنانة ولا يهمني أمرها كثيراً بقدر ما يشغل بالي أمر (الكيل بأكثر من مكيال) يكبر ويصغر بقدر حاجة (المطفف).
للأسف أضحى هذا حالنا، أصبحت الدرجات العلمية الرفيعة (على قفا من يشيل) وأصبح معظم من يظهرون على الأجهزة الإعلامية بدرجة (بروفات) مع أن مكان من يحملون هذه الدرجات هو الجامعات والبحوث العلمية والأكاديميات ورعاية الطلاب المبرزين ومجالات بحثهم وما يخص العلوم التي يدرُسونها و يُدرِسونها…
أما الخبراء الإستراتيجيون فحدث ولا حرج..
أظن أن علة العلل فيما نحن عليه الآن هو (الحُكام) والحكام هذه يجب ألا تخرج من معناها الكبير فكلنا حاكم وراعٍ ومسؤول عن رعيته أليس هذا ما جاء بالحديث الشريف أيها (الإخوان)… أما إذا استمرينا فيما نحن عليه واستمرأنا الكيل بأكثر من مكيال فـ(التراب التكيل خشمنا).
ولكم الود