*يحكى أنه كانت هناك امرأة تصنع الخبز لأسرتها كل يوم، وكانت يومياً تصنع رغيف خبز إضافياً لأي عابر سبيل جائع، وتضع الرغيف الإضافي على شرفة النافذة لأي فقير يمر ليأخذه ويأكله .
*وكان في كل يوم يمر رجل فقير أحدب ويأخذ الرغيف وبدلاً من إظهار امتنانه لأهل البيت كان يدمدم بالقول: (الشر الذي تقدمه يبقى معك، والخير الذي تقدمه يعود إليك!)..
*بدأت المرأة بالشعور بالضيق لعدم إظهار الرجل للعرفان بالجميل والمعروف الذي تصنعه، وأخذت تحدث نفسها قائلة:(كل يوم يمر هذا الأحدب ويردد جملته الغامضة وينصرف، ترى ماذا يقصد؟).
*في يوم ما أضمرت في نفسها أمرًا وقررت التخلص من هذا الأحدب! ، فقامت بإضافة بعض السمّ إلى رغيف الخبز الذي صنعته له وكانت على وشك وضعه على النافذة، لكن بدأت يداها في الارتجاف ما هذا الذي أفعله؟!.. قالت لنفسها فورًا وهي تلقي بالرغيف ليحترق في النار، ثم قامت بصنع رغيف خبز آخر ووضعته على النافذة.
*وكما هي العادة جاء الأحدب وأخذ الرغيف وهو يدمدم (الشر الذي تقدمه يبقى معك، والخير الذي تقدمه يعود إليك!) وانصرف إلى سبيله وهو غير مدرك للصراع المستعر في عقل المرأة.
*كل يوم كانت المرأة تصنع فيه الخبز كانت تصلي لابنها الذي غاب بعيدًا وطويلاً بحثاً عن مستقبله ولسنوات عديدة لم تصلها أي أنباء عنه وكانت تتمنى عودته لها سالماً.
*في ذلك اليوم الذي تخلصت فيه من رغيف الخبز المسموم دق باب البيت مساء وحينما فتحته وجدت – لدهشتها – ابنها واقفاً بالباب!! كان شاحباً متعباً وملابسه شبه ممزقة، وكان جائعاً ومرهقاً.
*وبمجرد رؤيته لأمه قال:(إنها لمعجزة وجودي هنا، على مسافة أميال من هنا كنت مجهدًا ومتعباً وأشعر بالإعياء لدرجة الانهيار في الطريق وكدت أن أموت لولا مرور رجل أحدب بي رجوته أن يعطيني أي طعام معه، وكان الرجل طيباً بالقدر الذي أعطاني فيه رغيف خبز كاملاً لآكله!! .
*وأثناء إعطائه لي قال إن هذا هو طعامه كل يوم واليوم سيعطيه لي لأن حاجتي أكبر كثيرًا من حاجته، بمجرد أن سمعت الأم هذا الكلام شحبت وظهر الرعب على وجهها واتكأت على الباب وتذكرت الرغيف المسموم الذي صنعته اليوم صباحاً!! لو لم تقم بالتخلص منه في النار لكان ولدها هو الذي أكله ولكان قد فقد حياته!
*لحظتها أدركت معنى كلام الأحدب (الشر الذي تقدمه يبقى معك، والخير الذي تقدمه يعود إليك!).. فافعل الخير ولا تتوقف عن فعله حتى ولو لم يتم تقديره وقتها لأنه في يوم من الأيام سيكافئك الله عما فعلت سواء في حياتك الآن أو في السماء ازرع جميلا ولو في غير موضعه.. فلا يضيع جميلٌ أينما زُرِعا.