27 ابريل 2022م
ازداد الاهتمام في الآونة الأخيرة بنظريات تغيير السلوك والصحة العقلية وعلم النفس، وينبع هذا الاهتمام من حاجة المُجتمع إلى هذا العلم المهم، وقد درست في أمّهات الجامعات بأمريكا كلية فلادلفيا لتنمية المجتمع، لغة إنجليزية جامعة تمبل، تصميم المواقع واسبرينق فيلد استشارات الصحة العقلية، ففي كل هذه المؤسسات التعليمية كانت نظريات السلوك حاضرة نظرياً وتطبيقياً.
ودائماً أعمل مقارنة بين سلوكنا اليومي في السودان والآخرين في الدول التي نزورها في كل مرة، نرى سلوكنا في السودان يحتاج إلى تعديلBehavior Modification ذهبت إلى إثيوبيا قبل عامين وشاهدت النظام والدقة حتى في المواصلات العامة يصطف الركاب صفاً واحداً بدون مدافرة وكل زول يركب بدوره، لا يزيح الآخر بالقوة كما يحدث في مواصلات الخرطوم، وصورة الأنانية وحُب الذات مُتأصلة، فإذا ذهبت للفرن تجد بعضهم يأتي مُتأخِّراً ويحاول أن يأخذ حصته قبل الذين أتوا قبله، وهكذا في كل المواقع شاهدتها عملياً، حتى في صفوف البنزين وهذا السلوك انعكس حتى في مؤسسات الدولة، فهي الأخرى لا تجتهد في توفير الآليات التي تساعد في التنظيم كوضع علامات أرضية للوقوف والنظام أو نظام الورقة الإلكترونية الرقمية كما هو في بعض البنوك، فهي وسيلة جيدة لتغيير السلوك القديم.
ومن السلوك المُشين لدى الكثيرين، هو مفهوم استباحة المال العام، وللأسف أصبح سلوكاً متأصلاً ومتجذراً واسفا اضرب مثلاً بما حدث في مدينة الفاشر من استباحة “اليوناميد والدبليو أف بي”، حيث تجد أحدهم تاجراً وشخصاً مستطيعاً ولا يحتاج، ولكن طالما ما فهمه وسلوكه “أن هذا العيش مجان وعام”، يذهب يكابس مع الجوعى ليخرج له بربع عيش أو جوال مع عامة الناس، وآخر يحرق كيبلات قيِّمة ليبيعها سلكاً بالوزن ينتج منها حَلة طبخ أو كانوناً ليباع بأبخس الأثمان، وآخر يأخذ علامات وضعت للحركة وتنظيم المواقف ليصنعه قفصاً لدجاجه ولا تهمه روح الإنسان، وثالث يرفع أغطية المجاري ينقلها إلى بيته “ليجلس ويستحمي فيها”، أي أنانية أكثر من هذا، وأليس هذا السلوك يحتاج إلى تغيير، وللأسف الأنانية تحوّلت من أنانية فردية إلى أنانية مجتمعية.
ومعلوم أن الأنانية تؤدي الى خسة النفس ودناءتها ويصبح الشخص عبداً لهوائه وما تمليه عليه أنانيته مما تهوى به إلى مسافل الأحوال فينشر الشر ويعم الضرر ويستبيح حق الآخرين.
وفى القران الكريم يقول الله سبحانه تعالى: (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلا) (الفرقان/ 43)، والانانية منعت ابليس من عبادة والله وطاعته فى قوله تعالى: (ما مَنَعَكَ أَلّا تَسجُدَ إِذ أَمَرتُكَ قالَ أَنا خَيرٌ مِنهُ خَلَقتَني مِن نارٍ وَخَلَقتَهُ مِن طينٍ).