لن يأكل السودانيون أسودهم !!
تعجبت لصريح قول بعض قيادات ومتحدثي إعلان الحرية والتغيير؛ الذين لم يرف لهم جفن وهو يعلنون أن أهم فعلهم سيكون هيكلة المؤسسات العسكرية ودمج بعضها وإعادة فك وتركيب أخرى! لا أعرف بأي تفويض ومشروعية ووفق ماذا من الوقائع والأسانيد ؟! ومن سيفعل هذا هل هم فوج ساسة أو ناشطون أو متمردون ؟ أم إنهم ملائكة مجنحة مثل تلك التي تحدث عنها وزير خارجية كوبا حينما هبط منفيون كوبيون بدعم واشنطن في خليج الخنازير، فلما أنكر الأمريكان وتنكروا، صرح الوزير الكوبي مندهشاً بأنه لم يكن يعلم أن بلاده مكروهة لدرجة أن ملائكة هبطت وهاجمت الخليج إنابة عن مناهضين لفيديل كاسترو !
لماذا هيكلة المؤسسات العسكرية؟ هل كان ضباط الجيش والأمن والشرطة أو الدعم السريع هم الذين ألبوا الحكومات والتحالفات على السودان في الأمطار الغزيرة أو تمرد دارفور أو قطع الطريق القومي بالشرق، أو فجروا أنابيب النفط في هجليج أو منطقة دقن الباشا بولاية نهر النيل؟ فهدموا مقدرات البلاد وأضافوا أثقالاً عليه بتكتيك عدم الاستقرار، هل ارتكبت المؤسسة العسكرية وزر اغتراف المال والسلطات والمخصصات بغطاء الشراكة؛ ألم يلتقم (فلان) و(علان) و(فلتكان) ضرع النقد والعقار والنثريات! هل تطوع الحزب الشيوعي بمخصصات أعضائه في برلمان نيفاشا ولجانه؟ كم هيئة قيادة مشتركة ترجلت وكم دفعة بقوة نظامية تقاعدت بالإحالة أو وفاء المدة وذات الوجوه من المدنيين السياسيين يتبادلون المقاعد في الحكم والمعارضة أقصى منجز أحدهم صورة وهو يؤدي القسم أو بياناً وهو يُعلن التمرد يبصق على ماعون بعد أن شرب فيه تبول !
أين تقاصر دور الجيش في رد جائحة تمرد ومتى؟ أليس هو الذي نثر شهداؤه من الجاوة إلى أبو كرشولا وكلبس ومرافيت جماجمهم مثل أوتاد الأرض الحرام؛ ألم تشهد رمال بابنوسة غرس عشرات من رجال هيئة العمليات أنفسهم في رمل الفداء للوطن والشعب؛ ألم ترفرف أعلام الدعم السريع راياتهم بأشلائهم تتعلق في جبال جنوب كردفان والنيل الأازرق وكان في كل هذه الأمثلة الذين يدعون للهيكلة وهي المفردة المخففة للحل والاستبدال، كانوا هم العدو والمعين والداعم لمن لغّم الأرض بالخيانة ووزع نيران القتل.
لو أن هناك حل، وهيكلة فأولى به من كانوا حواضن وأيدي دعم، وأعين رصد استعملت نفسها للإرشاد والسند؛ ثم بأي تفويض ومشروعية وهم قلة يحوزون حق (التشليح) لمؤسسات صنعت بصبر الجلد والاصطبار على المكاره؛ حتى صار للسودان جيش يصنف بين العالمين في الرائدين وجهاز أمن لا تنعقد بدونه مجالس الحل والعقد في أفق الجوار المضطرب وشرطة ظل من شعاراتها المحفوظة ألا جريمة ضد مجهول، ودعم سريع ينشط الآن في مهام خارج الحدود لم تقترن سيرته فيها بانكسار وخذلان لإمانة تؤدى بالموت والفناء، فكيف يحكم هؤلاء وبأي منطق؟ هل لأن هذه المنظومة كانت غصة في حلوقهم وحائط صد تكسرت تحته مؤامراتهم.
إن رضيت تلك المؤسسات، فإن هذا الشعب لن يرضى؛ هذه مؤسسات يجب ألا يفتي في أمرها إلا من يعرف قدرها وعطاءها وعلو كعبها في النائبات؛ ولن يأكل السودانيون أسودهم لتأكلهم جماعات وكلاء جر السودان للضياع. ستظل تلك المنظومات معقودة للوطنيبن الأخيار وسيظل المتمرد متمرداً ولو هتف في درج القصر الجمهوري؛ شعبنا على حق وهم على باطل.