سجن كوبر.. القسم الشرقي 1-6
قام وفد المفوضية القومية لحقوق الإنسان بزيارة سجن كوبر قرابة الساعة الواحدة ظهراً وتشكل من رئيس المفوضية حرية إسماعيل عبد المحسن ونائبها أبونا يعقوب حمودة، وسبعة مفوضين في مقدمتهم البروف أبو القاسم ، والأستاذ النور محمد إبراهيم، والمحامي جمال النجومي، والدكتور بشير محمد بشير، واللواء شرطة سجون معاش عماد مضوي، ومدير إدارة الشكاوى والرصد بالمفوضية وكاتبة هذه السطور.
تم استقبالنا بحفاوة السودانيين من قبل إدارة السجن، وعلى رأسهم المدير المكلف العميد معتصم، والعميد الحسين، والعقيد أحمد عثمان وعدد من الضباط والجنود، والرائد سيف من الاستخبارات العسكرية. تم التعارف ومناقشة آخر لائحة للسجون الصادرة 2013م، وهذه اللائحة صادرة بموجب قانون تنظيم السجون ومعاملة النزلاء لسنة 2010م.. وهي مستصحبة مفاهيم متطورة في معاملة النزلاء والمعاملة الكريمة التي تليق بكرامة الإنسان وفق الشريعة الإسلامية السمحة والمواثيق الدولية التي كفلت حقوق النزلاء كافة.
وبصراحة لمس الوفد من خلال المتابعة والالتقاء مع النزلاء السياسيين حرص واهتمام إدارة السجن على إنفاذ ما ورد في هذه اللائحة والعناية بأوضاع المعتقلين وإبلاغ أسرهم والجهة التي أمرت بالاعتقال بما يرد إليها من طلبات واحتياجات بصورة ناجزه.
تحركنا نحو منطقة عنابر المعتقلين السياسيين بالقسم الشرقي، وكانت قبل ثورة 11 أبريل تابعة لجهاز الأمن والمخابرات، كما قال لي أحد الضباط لم تكن ونحن مسئولون عن السجن لدينا أي تفاصيل لمعلومات عن هذه المنطقة، وقد لا نراهم البتة.
الطريق إلى منطقة الاعتقال السياسي لا يبعد كثيراً من مكاتب الإدارة، فأنت تمر بعدة مبانٍ تفصل بينها مداخل. ولكن لاحظت أن بعض الممرات أو الطرقات منحدرة بصورة تجعلك تتمايل أو قد تضطر إلى الاستناد إلى الحائط. وهي ملاحظة لاحظتها من قبل أكثر من عام، وأنا في زيارة إلى مباني الاعتقال السياسي.
كنا نتشوق لزيارة العنابر.. وربما لأن زيارة الرئيس السابق قد سيطرت على تفكيرنا ورؤيتنا الذهنية بصراحة كنا مندهشين ونحن نقابل بعضاً من رموز النظام ليس لأننا لم نكن نتوقعهم بل ربما لثبات الكثيرين منهم وتكيفهم مع أوضاعهم الجديدة التي انتقلت من مواقع السلطة والحرية إلى مواقع الحبس.
قمنا بزيارة للعنبر (1) وهو ليس زنزانة.. فالزنزانة لها مواصفاتها ومعاييرها العنبر فسيح به 4 أسرة للنوم عندما تجلس يقفز بك الياي بقوة إلى أعلى، والعنبر جيد التهوية وقدمنا أنفسنا للنزلاء الأربعة الذين بدورهم عرفوا أنفسهم وهم: (د. كمال عبد القادر ومحمد أحمد حاج ماجد مدير منظمة الشهيد، وعبد الرحمن محمد موسى مدير الدفاع الشعبي، وعادل يوسف السماني أحد منسوبي الدفاع الشعبي)، وكانت المقدمة التى عندما نعرف بها أنفسنا لدى كل المعتقلين هي: نحن بموجب قانون المفوضية نراقب حقوق الإنسان خارج السجون وداخل السجون ومعايرتها بالمعايير الدولية لمعاملة النزلاء وتنظيم وتطبيق السجون وإدارتها لتلك المعايير استناداً إلى المعايير الدولية التي عرفت بمعايير مانديلا.
بعد إتمام التعارف وقفنا من خلال جولتنا على تاريخ اعتقال كل معتقل وملابسات الاحتجاز وأسبابها ومدى توفر الحقوق الأساسية للمعتقلين حسب لائحة السجون وتشمل الأوضاع الصحية ومدى توفر الرعاية الصحية للنزلاء والمعتقلين وبقية الحقوق الأساسية كالغذاء –الملبس- الزيارات أداء الشعارات الدينية – توفير الصحف والكتب وغيرها مما يحفظ حقوق النزيل وكرامته,
تحدث أولاً المعتقل الدكتور كمال عبد القادر :- هو طبيب شغل عدة مناصب دستورية، وكان آخر موقع هو مدير مدينة البشير الطبية، ولكن معرفتي به تظل أكثر اتساعاً بحكم نشاطه في العمل الصحفي، فهو كاتب ساخر يجيد الكتابات المختصرة بأسلوب ساخر أشهر من عرف به الصحفي والكاتب الساخر المصري أحمد رجب وهو أحد الفنون الصحفية التي يجيدها قلة من الصحافيين .
تحدث أولهم مدير منظمة الشهيد السابق وشكا عن أحداث اعتقاله وأنها كانت غير إنسانية.
وممثل الدفاع الشعبي عبد الرحمن موسى قال إنه تمت إجراءات التسليم والتسلم قبل 10 أيام وبعدها تم اعتقالي يوم 13/5 دون إبداء أسباب الاعتقال، وقال من حقي أن أعرف هل هناك شخص يمكنه ان يقوم بأمر مضاد، وهو لا يملك وظيفة؟ قال أنا الآن بدون وظيفة. وذكر أننا لم نواجه إلا بأسئلة على شاكلة اسمك وسنك وعنوانك.
أحد منسوبي الدفاع الشعبي وهو النزيل الرابع عادل قال إنه غادر الدفاع الشعبي قبل 3 سنوات وإنه تم اعتقاله من قبل ثلاثة ضباط من الجهاز وهو في الشارع في رمضان، واختصر حديثه بأن معاملة الضباط حسنة التصرف، وفي السجن لم نلق إلا الابتسامات والكلمة الطيبة، وهذه أول مرة أدخل سجون.
د. كمال عبد القادر قال إن الإنسان غير مقيم في السودان بغض النظر عن من هو هل هو قاتل أم سارق، فالواضح أن حجم المسألة هو الذي يحدد ذلك، وأن الطريقة التي تتعامل بها الأجهزة أو جهاز الأمن هو أكبر انتهاك لحقوق الإنسان. وسألته ما هي تهمتك التي تتوقع أن توجه إليك قال ساخراً ربما لأنني مدير المدينة الطبية، وهي تحمل اسم البشير: ربما هذا السبب اسم البشير أو ربما لأنني كتبت تغريدة هاجمت فيها الفريق أول عوض أبنعوف؟
الخلاصة اتفق ساكنو العنبر رقم (1) على حسن معاملة إدارة سجن كوبر لهم بمنتهى الإنسانية. ومطالبة قوية منهم بتوجيه اتهامات لهم ومطالبة بزيارة الفريق أول طيار صلاح عبد الخالق عضو المجلس العسكري الانتقالي والمسئول عن الفئوية والاجتماعية بضرورة زيارته لهم.. ونعود.