الخرطوم: مريم أبشر 24 ابريل 2022م
على خلفية اتهامات تناقلتها بعض القوى السياسية وقيادات مؤسسات حكومية، بل أعلنها صراحةً رئيس مجلس السيادة بتهمة لرئيس بعثة (يونيتامس) البعثة الأممية المعنية بدعم الانتقال فولكر بيرتس بأنه تجاوز التفويض الممنوح له، وأنه بات يتدخّل في الشأن الداخلي للبلاد، بل لوّح صراحة بطرده خاصة بعد تقديمه تقريراً لمجلس الأمن الدولي، قالت الحكومة انه تضمن معلومات غير حقيقية.
رئيس البعثة سارع على الفور بعد عودته من نيويورك بلقاء رئيس المجلس السيادي و تأكيده على انه استقى المعلومات من مكتبه وانه لن يتوانى في تعديل اي معلومة اذا ثبت أنها غير دقيقة، إن بعض الاطراف السياسية المراقبة عزت إقالة مستشاره أمجد فريد بناءً على ذلك.
وحسب المتابعات، فلقد عكفت الأطراف المعنية في مقدمتها وزارة الخارجية على وضع مصفوفة محددة تُبيِّن بوضوح مطلوبات السودان من البعثة وفق المانديت الممنوح لها من قبل الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لدعم الانتقال في السودان.
توافق الأطراف
ولتحريك هذا الملف وتوضيح المطلوبات، توجّه وكيل وزارة الخارجية المكلف السفير نادر يوسف الطيب إلى نيويورك بغرض الالتقاء بآليات الأمم المتحدة المعنية بدعم السلام وحفظ الأمن وفي لقائه برئيسة مجلس الأمن خلال الشهر الحالي، المندوبة الدائمة لبريطانيا باربرا وودورد، قدّم للمندوبة البريطانية، شرحاً حول تطوُّرات الأوضاع الحالية في السودان، وتناول مضامين المصفوفة السودانية التي تسلّمتها رئاسة مجلس الأمن، والتي تتضمّن الأولويات والمقترحات التي أعدّتها الوزارات والمُؤسّسات الاتحادية ذات الصلة، والرامية إلى توجيه عمل بعثة “يونيتامس” خلال المرحلة المقبلة بما يتطابق مع المِلكية الوطنية لعمل البعثة، حيث رحبت المندوبة الدائمة البريطانية بمقترحات السودان، وقالت انها ليست بعيدة عن عمل مهام “يونيتامس”، وأكّدت أنها ستضع في الاعتبار ما جاء في المصفوفة خلال مناقشة التجديد الدوري لتفويض “يونيتامس” في يونيو المقبل، مشيرةً إلى أنها ستعمل بالتنسيق مع السودان من أجل ضمان أن يكون عمل البعثة داعماً ومُسانداً للسودان خلال هذه المرحلة الانتقالية وصولاً بها لغاياتها المرجوّة بإجراء انتخابات في البلاد.
مطلوباتنا
وبحسب إفادة بعثة السودان الدائمة لدى الأمم المتحدة بأنّ وكيل وزير الخارجية المُكلّف، سيجري عدة لقاءات بمسؤولي الأمم المتحدة ووكلاء الآليات المُتخصِّصة، حيث ابتدرها بلقاء روزماري ديكارلو، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام، وسلّمها مصفوفة تتضمّن مطلوبات حكومة السودان من البعثة الأممية (يونيتامس)، وأوضح الوكيل المكلّف أن جميع الجهات المُختصة في السودان قد شاركت في وضع مصفوفة شاملة تتضمن رؤية حكومة السودان للدور الذي يجب أن تَضطلع به “يونيتامس” وفقاً لولايتها، وتتمثل أبرز محاور هذه الرؤية والأولويات في إنفاذ اتفاق جوبا لسلام السودان ودعم تنفيذ البروتوكولات وحشد الموارد وتقديم الدعم اللوجستي لبناء القدرات ودعم الآليات الوطنية لحقوق الإنسان والمساعدة في إنشاء ودعم مفوضية نزع السلاح وإعادة الدمج وآلية العدالة الانتقالية وإعادة الإعمار والتنمية. وشملت الزيارة كذلك الالتقاء ببعض الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن والمجموعة العربية والأفريقية بالأمم المتحدة ومجلس الأمن، حيث قدم شرحاً للوضع والمطلوبات والأولويات من البعثة وكيفية عمل تلك المجموعات على مساعدة السودان للخروج من الأزمة الراهنة.
سُوء فهم
مراقبون سياسيون أكّدوا أن رئيس البعثة الأممية فولكر لم يتجاوز التفويض الممنوح له مُطلقاً، وأكد القانوني والقيادي بحزب الأمة آدم جرجير لـ(الصيحة) أن فولكر نفّذ مطلوبات التفويض المكفول له من قبل الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وأضاف التفويض منح البعثة حق بناء السلام وبناء السلام يتطلب التدخل المُباشر والالتقاء بالأطراف وتذليل شقة الخلافات بين الفرقاء وهذا ما فعله ويقوم به فولكر، ولفت إلى أن التدخل بغرض المُعالجة، وأشار إلى أنّ الانتقادات التي وجّهت للبعثة ورئيسها تأتي نتيجة اختلاط في الفَهم لعمل البعثة، وقال إنّ عمل البعثة يتم بمُوجب القانون والقرارات الصَّادرة من قبل مجلس الأمن في هذا الصَّدد ورغم الانتقادات التي تُواجه فولكر وبعثته، أكّد جرجير أنّ مبادرته لا تزال هي الأكثر فاعليةً في الوسط السياسي السوداني، وتوقّع أن تمضي خطوات للأمام، خاصّةً أنها المبادرة الوحيدة التي أحدثت اختراقاً ملحوظاً وتُحظى بقبول وسط بعض القوى السياسية.
التوافق مطلوبٌ
الخبير الدبلوماسي الطريفي، كرمنو شدد في حديثه لـ(الصيحة) على أهمية حدوث توافق بين الحكومة ومجلس الأمن في ما يلي عمل البعثة في السودان، ويضيف انه لا بد من أن يضع مجلس الأمن في اعتباره مسألة السيادة الوطنية للسودان، وأن فولكر ليس كفوتير الأمريكي الذي عين رئيساً للعراق وإنما هو رئيس بعثة ينبغي أن تساعد السودان على تجاوز المرحلة الراهنة، وأن تمضي الفترة بالتراضي، و يعتقد أن زيارة وكيل الخارجية رغم ان البعثة السودانية غير مُكتملة، لكنها أدت الغرض وأوصلت ملاحظات مطلوبات السودان للمجلس، وطالب الخبير مجلس الأمن الدولي بأن يراعي للأوضاع التي يمر بها السودان من مشاكل أمنية واقتصادية وسياسية، لافتاً إلى أن معظمها السبب الأساسي فيها مجلس الأمن وصندوق النقد الدولي، و نبه إلى أنه فى حالة حدوث انفلات للأمن في السودان فإن الخطر سيلحق بالعديد من دول الجوار الاقليمي والمنطقة المحيطة به وهذا سيضع مجلس الأمن والعالم أمام مسؤولية تاريخية، واستبعد كرمنو طرد رئيس البعثة كما هدد بذلك رئيس المجلس الانتقالي، وقال إنّ الأوفق هو التعاون لتجاوز المرحلة الراهنة.