الخرطوم: صلاح مختار 20 ابريل 2022م
أعلنت بعثة الأمم المتحدة في السودان “يونيتامس”، استعدادها لجولة جديدة من المشاورات الأولية للعملية السياسية مع الأطراف السودانية الأسبوع المقبل. وطبقا لبيان صادر عن البعثة الأممية، أن رئيس البعثة فولكر بيرتس، يستعد إلى جانب فريق “يونيتامس” لجولة جديدة من المشاورات مع مزيدٍ من مُمثلي الطيف السياسي السوداني الأسبوع المقبل، وأكد البيان استمرار هذه المشاورات في توفير مساحة لأصحاب المصلحة السودانيين لعرض رؤاهم، ومُقترحاتهم حول سُبل المضي قدماً في عملية الانتقال الديمقراطي، ونقل البيان عن بيرتس قوله: “لا نريد توقع نتائج، ستوجه هذه المشاورات الأولية خطواتنا التالية”. وأوضح البيان أن المشاورات شهدت توسعاً في مشاركات مجموعات سودانية مختلفة.
مشاورات أولية
ومنذ 8 يناير الحالي تجري يونيتامس، مشاورات أولية لعملية سياسية شاملة بين الأطراف السودانية؛ بهدف التوصل إلى حلٍّ للأزمة التي تفاقمت عقب قرارات اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر 2021. وجمعت البعثة من ألوان الطيف السوداني، عددا كبيرا من المبادرات التي وصلت لأكثر من (80) مبادرة والتي تتم تنقيحها وجمع ما تم الاتفاق عليه وما اختلف عليه، لتكون قاعدة للانطلاق في المُشاورات الجديدة لتقريب وجهات النظر والشقة بين الفرقاء. وبات سقف التوقعات بين القوى السياسية كبيراً خاصة بعد تصريحات البرهان الاخيرة، والوعود التي رسمها ووضع النقاط فوق الحروف بعد لقاء البرهان والمبعوث الأممي بشأن نشاطه وعمله في السودان، اذن هل سيتجاوز فولكر سقف التوقعات أم سيهبط بها إلى محيط سحيق؟
مواقيت وبرامج
كان المجلس السيادي قد عبر عن استيائه لحالة الجمود وانسداد الأفق السياسية في ظل تعدُّد المُبادرات وعدم وضوح الرؤية, حيث وجّه المجلس، لجنة الحوار السياسي إلى مواصلة عملها بـ”مواقيت وبرامج مُحدّدة”، وعقد مجلس السيادة اجتماعاً بالقصر برئاسة عبد الفتاح البرهان. وقالت المتحدثة باسم المجلس سلمى عبد الجبار في بيان، إن الاجتماع تداول حول “المساعي الجارية بشأن الوفاق والتراضي السياسي بين كافة المكونات الوطنية لمعالجة انسداد الأفق السياسي وضياع الوقت”، وتابعت: إن هذا الوضع خلّف واقعاً مُترهِّلاً تعدّدت فيه المبادرات دون حصاد ثمارها في التوصُّل إلى دولة ديمقراطية مستقرة، وأفادت بأنّ المجلس وجّه بمواصلة عمل اللجنة السيادية المُكلفة لقيادة الوفاق والحوار السياسي، على أن تعمل وفقاً لمواقيت وبرامج محددة لبلوغ الغايات المطلوبة من الحوار.
توافق سياسي
وحتى لا ينطبق المثل الذي يقول (هل يستقيم العود والظل أعوج)، فإن عديد المراقبين يرون أن مبادرة الأمم المتحدة لا يمكن لها ان تقود الى توافق إلا إذا توافقت القوى السياسية، وكان فولكر نفسه عبّر عن استيائه من حالة الانسداد السياسي وحذر من مغبة ذلك، ولكن الرجل رجّح اثناء مقابلة مع التلفزيون القومي، ان تمكن الجولة الثانية لمشاورات البعثة، السودانيين من حل الأزمة بالاتفاق على تعيين رئيس وزراء وتأسيس سلطة تشريعية ووضع خارطة طريق للمرحلة المقبلة.
نقاط الخلاف
ورغم الخلاف الواضح الذي بدأ بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة بشأن عملية الحوار في السودان، الا ان الطريق كان سالكاً فيما بعد حول جدول أعمال المشاورات السياسية، ولذلك اكتفى فولكر بالقول: سوف ترون الأسبوع القادم تعاوناً حقيقياً بيننا، وهو ما حدث بالضبط حينما بدأ الشركاء في جدولة الجولة الثانية من المشاورات، ولا يختلف احدٌ ان ابرز نقاط الاختلاف تتمثل في تفاصيل تركيبة المجلس السيادي والتشريعي، بجانب تقاطعات العملية التي تقوم بها البعثة التي لا يحبذها البعض خاصة المجلس العسكري، حيث اعتبر رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، أن البعثة الأممية بالسودان تخلّت عن مهمتها التي جاءت من أجلها وانشغلت بما وصفه بالأمور السياسية المحلية في إشارةٍ إلى عملية المُشاورات التي ترعاها بين الأطراف السودانية. وذكر أن رئيس البعثة الأممية فولكر بيرتس، ليس مطلوباً منه تقديم مبادرة وإنما فقط يلعب دور المُسهِّل للمُشاورات، وزاد “لكنه بدا غير مهتم بمهامه التي جاء من أجلها لمساعدة الانتقال، وحصر جهده على العمل السياسي الداخلي”.
سقف التوقُّعات
ولأن سقف التوقُّعات للجولة الثانية أكبر من المتوقع، فإن الفكرة الأساسية كما يراها المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر، مساعدة السودانيين للوصول خلال الفترة الانتقالية بسلام والخروج منها الى واقع ديمقراطي سليم، ولذلك بدأ فولكر مرحلته الأولى بإحسان الاستماع الى كل الناس وسجّل آراءهم وعمل جدولاً، جمع فيه الآراء المتشابهة، وقال خاطر لـ(الصيحة) لحُسن حظ السودانيين أن جميع الآراء العامة تُشير إلى أن السودانيين متفقون عليها, وبالتالي الحاجة ماسّة للتوافق والاتفاق على كيفية تنفيذها وهي أساس الديمقراطية والدولة المدنية، وقال المُشكلة في كيفية المعالجة وكيف الوصول.
أفق تنفيذي
وأبان خاطر الأفق التنفيذي الانتقالي سوف يكون مواتياً إذا تم إطلاق سراح المعتقلين وإزالة رواسب النظام السابق وإلغاء الطوارئ والانتقال إلى مرحلة العمل المُشترك بحكومة كفاءات برئاسة رئيس وزراء متوافق عليها، وأكد أن مرحلة المشاورات الثانية هي مستقلة نأمل ان تلبي طموح السودانيين في مرحلة انتقالية تسود فيها الوفاق والاتفاق كي نصل الى الانتخابات. ولذلك ليس هنالك تعارضٌ أو اختلافٌ بين تلك المشاورات التي يجريها فولكر والتي تطرحها القوى السياسية من مبادرات، مبيناً أن المشاورات التي يجريها فولكر هي تسهل وتقرب المسافات بين الناس جميعاً.