ما كان يملك من متاع (الدنيا) شيئاً..
*أو كان يملك فقط فرشاً مهترئاً...وإبريقاً صدئاً... وثياباً رثة... و(بقجة) مهلهلة..
*لم يكن متسولاً محترفاً ؛ رغم أن حاله كان يُوحي بذلك..
*ولكن أن جاد عليه شخصٌ بشيءٍ ما فإنه ما كان يرفضه..
*ما كان ينطق أبداً ؛ فإن فعل فلا يزيد عن كلمة واحدة هي ( دنيا ) ..
*وما كنا ندري ما يعنيه بمفردة (دنيا) هذه ..
*هل كان يسخر ؟...أم يتحسر ؟...أم يتفلسف ؟ ..
*وطلاب الفلسفة - آنذاك - أعجبهم ترجيح الاحتمال الأخير هذا ؛ فسموه ( الفيلسوف) ..
*فكلمة ( دنيا) - كما كان ينطقها - لا يمكن أن تصدر إلا عن متفلسف ..
*فربما رأى من ( الدنيا ) ما جعله يلازم ميداناً يُنسب اسمه لشعوب (الدنيا) كافة..
*وهو ميدان الأمم المتحدة الذي جعله مستقراً له...ومقاما..
*وربما لم يكن يضحك ؛ فلم (تضحك الدنيا معه)..
*أو ربما تنكرت له (الدنيا) ؛ كما تنكرت لزميلٍ لنا فتاةٌ اسمها (دنيا)..
*فكاد أن يحجز لنفسه مكاناً جوار الفيلسوف..
*لولا أن تداركه أهله بالمحاية...والدواية ؛ قال البسطاء..
*وأياً كان السبب الذي جعل منه فيلسوفاً ( أممياً) فإنه ما عاد مهموماً بـ(الدنيا) ..
*ولكن (المحلية) قد تكون أحياناً هي الطريق نحو ( الأممية)..
*تماماً كما حدث لأديبنا الطيب صالح ...ورواياته..
*أما (دنيا) أديبينا المحجوب - وعبد الحليم محمد - فقد طبقت شهرتها الآفاق..
*رغم جهل الناس بالاسم الحقيقي لتلكم (الدنيا) ؛ أي المرأة..
*وربما سمياها كذلك لأنهما رأيا منها ما جعل فيلسوفنا لا ينطق بسوى كلمة (دنيا) ..
*وصباح يوم فوجئ الناس باختفاء صاحب هذه الكلمة عن (دنيانا)..
*اختفى تماماً ؛ بفرشه...وإبريقه...و(بقجته)..
*هو شيء مثل (موت دنيا) ؛ لدى كلٍّ من المحجوب...وحليم..
*وعقب اختفائه بيوم واحد ألقى النميري خطاباً استفزازياً ؛ أثار به غضب الشعب..
*وضرب الناس أكفاً بأكف وهم يدمدمون غضباً (دنيا والله)..
*ثم ( ثاروا).................. و(ثأروا) ..
*ولكن فيلسوفنا لم يُر بعد ذلك أبداً..
*وما جعل الناس يفتقدونه - بعد الثورة - تشوقهم لسماع صرخته الشهيرة (دنيا) ..
*فقد كان ذلك هو وقتها تماماً ؛ أو هكذا بدا الأمر لنا..
*وذلك على وقع موسيقى تصويرية لأغنية (أنت يا مايو الخلاص)..
*فهي باتت تُقرأ : أنت يا مايو ..........(خلاص) ..
*و............دنيا !!.
|